امثلة من انواع الحكم الشرعي ومرتبته والصيغ الدالة عليه
لصيغ الدالة على الأمر التي تقتضي الوجوب
ولما بين جل وعلا أنه أنزل هذا الكتاب العظيم على هذا النبي الكريم، وأنه أنزله عليه لينذر به ويذكر، وأنه يجب على أمته أن تأتسى به في الإنذار بالقرآن والتذكير به. أمر من ذكروا وأنذروا -أمرهم بما ينبغي أن يفعلوا حول ذلك الإنذار والتذكير الذي بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ؛ هذا الأمر للوجوب بإجماع العلماء.
وصيغة افعل وإن اختلف فيها علماء الأصول هل هي تقتضي الوجوب؟ أو تقتضي الندب؟ أو تقتضي مطلق الطلب الصادق بالندب والوجوب؟ أو إن كانت في القرآن اقتضت الوجوب؟ وإن كانت في السنة اقتضت الندب؟
هذه الأقوال -وإن ذكرها علماء الأصول-؛ فالصحيح المعروف الذي دل عليه الشرع الكريم واللغة التي نزل بها القرآن أن صيغة افعل إذا جاءت في كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم كانت مقتضية لوجوب الامتثال، إلا أن يدل دليل آخر خارج عن ذلك الوجوب.
ويكون ذلك الدليل يجب الرجوع إليه، والأدلة على هذا كثيرة منها أن الله لما قال للملائكة: اسْجُدُوا لِآدَمَ كانت لفظة اسْجُدُوا صيغة أمر، وهي لفظة افعل، ومعروف أن المقرر في المعاني وفي أصول الفقه أن الصيغ الدالة على الأمر التي تقتضي الوجوب -أنها أربع صيغ لا خامسة لها.
الأولى منها: فعل الأمر الصريح نحو: أَقِمِ الصَّلَاةَ وقوله هنا: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ والثاني: اسم فعل الأمر نحو عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ .
والثالث: الفعل المضارع المجزوم بلام الأمر نحو: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ .
والرابعة هي المعروفة عند النحويين بالمصدر النائب عن فعله نحو قوله: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ ؛ يعني فاضربوا رقابهم، وكقول هند بنت عتبة يوم أحد لما انهزم المشركون هزيمتهم الأولى، وقتل حملة اللواء من بني عبد الدار، وبقي لواء قريش طريحا حتى رفعته عمرة بنت علقمة الحارثية التي يقول فيها حسان
عند ذلك قالت هند بنت عتبة بنت ربيعة العبشمية
صـــبرا بنــي عبـــد الـــدار
صـــبرا حـمــــاة الأدبــــار
ضـربـــــا بـكـــل بـتـــار
فكل هذه المصادر مصادر نابت عن أفعالها؛ ففيها معنى الأمر؛ تعني اصبروا يا بني عبد الدار، واضربوا بكل بتار، هذه هي صيغ الأمر. وقد دل القرآن والسنة ولغة العرب على أن صيغة افعل تقتضي الوجوب.
ومن الدليل على ذلك أن الله لما قال للملائكة: اسْجُدُوا لِآدَمَ كانت اسْجُدُوا صيغة افعل فلما امتنع إبليس وبخه وحكم عليه بالعصيان وقال: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ؛ موبخا له؛ فدل على أن عدم امتثال صيغة الأمر أنه معصية.
ويؤيد ذلك أن نبي الله موسى قال لأخيه هارون لما أراد السفر إلى الميقات -قال لأخيه: هارون اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وهذه صيغة أمر؛ فلما ظن أنه لم يتبعها قال: أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي وصرح بأن مخالفة صيغة افعل معصية .
ومن الأدلة على ذلك أن الله يقول: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وقد قال جل وعلا: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ وفي القراءة الأخرى أن يكون لهم الخيرة من أنفسهم.
ومن قضائه للأمر هو أن يقول: افعل كذا. فدلت آية الأحزاب هذه على أن أمره تعالى قاطع للاختيار موجب للامتثال والأدلة في هذا كثيرة. ووجه دلالة اللغة العربية على أن صيغة افعل تقتضي الوجوب: أن السيد المالك لعبد لو قال لعبده: اسقني ماءً فامتنع العبد ولم يسق سيده فأدبه وضربه.
أما عامة أهل اللسان يقولون: إن هذا العقاب واقع موقعه، فلو قال العبد للسيد: أنت ظلمتني بعقابي هذا؛ لأن قولك: اسقني صيغة افعل، وهذه لا توجب ولا تجزم شيئا، لقال له أهل اللسان العربي: كذبت يا عبد بل الصيغة ألزمتك، ولكنك امتنعت فلسيدك أن يعاقبك. هذا وجه دلالة اللغة العربية على ما ذكرنا.
وعلى كل حال فقوله: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ هذا الأمر واجب بإجماع العلماء؛ فيجب على كل مسلم أن يتبع ما أنزله الله في هذا القرآن الكريم على سيد الخلق صلى الله عليه وسلم.
***
امثلة اخرى للصيغ الدالة على الوجوب
فأصل إشكال السائل هو قوله: (العلماء يقولون: الحرام ما عليه وعيد شديد)، وهذا الحصر، ثم تقييد الوعيد بالشدة، لا نعلم به قائلا من أهل العلم! وتصحيح هذه العبارة يكون بالتنبيه على أن الوعيد مما يستفاد منه الحكم بالحرمة، ولكن لا يشترط في الوعيد الشدة، ولا ينحصر التحريم فيه، بل يستفاد من ألفاظ وصيغ كثيرة اختصرها ابن القيم في (بدائع الفوائد) فقال: يستفاد التحريم من النهي، والتصريح بالتحريم، والحظر، والوعيد على الفعل، وذم الفاعل، وإيجاب الكفارة بالفعل، وقوله: "لا ينبغي" فإنها في لغة القرآن والرسول للمنع عقلا أو شرعا، ولفظة: "ما كان لهم كذا، ولم يكن لهم" وترتيب الحد على الفعل، ولفظة: "لا يحل، ولا يصلح" ووصف الفعل بأنه فساد، وأنه من تزيين الشيطان وعمله، وإن الله لا يحبه، وأنه لا يرضاه لعباده، ولا يزكي فاعله ولا يكلمه ولا ينظر إليه، ونحو ذلك. اهـ.
لصيغ الدالة على الأمر التي تقتضي الوجوب
ولما بين جل وعلا أنه أنزل هذا الكتاب العظيم على هذا النبي الكريم، وأنه أنزله عليه لينذر به ويذكر، وأنه يجب على أمته أن تأتسى به في الإنذار بالقرآن والتذكير به. أمر من ذكروا وأنذروا -أمرهم بما ينبغي أن يفعلوا حول ذلك الإنذار والتذكير الذي بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ؛ هذا الأمر للوجوب بإجماع العلماء.
وصيغة افعل وإن اختلف فيها علماء الأصول هل هي تقتضي الوجوب؟ أو تقتضي الندب؟ أو تقتضي مطلق الطلب الصادق بالندب والوجوب؟ أو إن كانت في القرآن اقتضت الوجوب؟ وإن كانت في السنة اقتضت الندب؟
هذه الأقوال -وإن ذكرها علماء الأصول-؛ فالصحيح المعروف الذي دل عليه الشرع الكريم واللغة التي نزل بها القرآن أن صيغة افعل إذا جاءت في كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم كانت مقتضية لوجوب الامتثال، إلا أن يدل دليل آخر خارج عن ذلك الوجوب.
ويكون ذلك الدليل يجب الرجوع إليه، والأدلة على هذا كثيرة منها أن الله لما قال للملائكة: اسْجُدُوا لِآدَمَ كانت لفظة اسْجُدُوا صيغة أمر، وهي لفظة افعل، ومعروف أن المقرر في المعاني وفي أصول الفقه أن الصيغ الدالة على الأمر التي تقتضي الوجوب -أنها أربع صيغ لا خامسة لها.
الأولى منها: فعل الأمر الصريح نحو: أَقِمِ الصَّلَاةَ وقوله هنا: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ والثاني: اسم فعل الأمر نحو عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ .
والثالث: الفعل المضارع المجزوم بلام الأمر نحو: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ .
والرابعة هي المعروفة عند النحويين بالمصدر النائب عن فعله نحو قوله: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ ؛ يعني فاضربوا رقابهم، وكقول هند بنت عتبة يوم أحد لما انهزم المشركون هزيمتهم الأولى، وقتل حملة اللواء من بني عبد الدار، وبقي لواء قريش طريحا حتى رفعته عمرة بنت علقمة الحارثية التي يقول فيها حسان
ولولا لواء الحارثيـة أصبحــوا | يباعون في الأسواق بيع الجلائـد |
صـــبرا بنــي عبـــد الـــدار
صـــبرا حـمــــاة الأدبــــار
ضـربـــــا بـكـــل بـتـــار
ومن الدليل على ذلك أن الله لما قال للملائكة: اسْجُدُوا لِآدَمَ كانت اسْجُدُوا صيغة افعل فلما امتنع إبليس وبخه وحكم عليه بالعصيان وقال: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ؛ موبخا له؛ فدل على أن عدم امتثال صيغة الأمر أنه معصية.
ويؤيد ذلك أن نبي الله موسى قال لأخيه هارون لما أراد السفر إلى الميقات -قال لأخيه: هارون اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وهذه صيغة أمر؛ فلما ظن أنه لم يتبعها قال: أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي وصرح بأن مخالفة صيغة افعل معصية .
ومن الأدلة على ذلك أن الله يقول: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وقد قال جل وعلا: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ وفي القراءة الأخرى أن يكون لهم الخيرة من أنفسهم.
ومن قضائه للأمر هو أن يقول: افعل كذا. فدلت آية الأحزاب هذه على أن أمره تعالى قاطع للاختيار موجب للامتثال والأدلة في هذا كثيرة. ووجه دلالة اللغة العربية على أن صيغة افعل تقتضي الوجوب: أن السيد المالك لعبد لو قال لعبده: اسقني ماءً فامتنع العبد ولم يسق سيده فأدبه وضربه.
أما عامة أهل اللسان يقولون: إن هذا العقاب واقع موقعه، فلو قال العبد للسيد: أنت ظلمتني بعقابي هذا؛ لأن قولك: اسقني صيغة افعل، وهذه لا توجب ولا تجزم شيئا، لقال له أهل اللسان العربي: كذبت يا عبد بل الصيغة ألزمتك، ولكنك امتنعت فلسيدك أن يعاقبك. هذا وجه دلالة اللغة العربية على ما ذكرنا.
وعلى كل حال فقوله: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ هذا الأمر واجب بإجماع العلماء؛ فيجب على كل مسلم أن يتبع ما أنزله الله في هذا القرآن الكريم على سيد الخلق صلى الله عليه وسلم.
***
امثلة اخرى للصيغ الدالة على الوجوب
صيغ الواجب؟
ما يتعلق بصيغ الواجب وأساليبه وكيفية معرفته يعني كيف نعرف الواجب في أحكام الشرع فإن هناك صيغاً وأساليب للواجب في الشرع تدل على الوجوب والإلزام وهذه الصيغ هي صيغ الأمر إذا تجردت عن القرائن الصارفة لها عن الوجوب وهذه الصيغ منها صيغ ٌ أصليه ومنها صيغ تابعة فمن الصيغ الأصلية:
الأول: الأمر كقوله تعالى {وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة} فإن لفظ أقيموا وآتوا فعل أمر ٍ يدل على الوجوب وكقوله تعالى {خذ من أموالهمصدقة تطهرهم} فـخذ فعل أمر يدل على الوجوب.
الثاني: فعل المضارع المقترن بلام الأمر كقوله تعالى {ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق} وإن ليقضوا وليوفوا وليطوفوا أفعال مضارعه اقترنت بلام الأمر فتدل على الوجوب وكقوله تعالى {لينفق ذو سعة من سعته} فإن قوله لينفق فعل مضارع مقترن بلام الأمر فيدل على الوجوب.
الثالث : اسم فعل الأمر كقوله تعالى {عليكم أنفسكم} فإن عليكم هنا فعل أمر بمعنى ألزموا فهو يفيد الوجوب .
والرابع : المصدر النائب عن فعل الأمر كقوله تعالى {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} فقوله فضرب مصدر نائب عن فعل الأمرمعنى أضربوا فيدل على الوجوب .
س87- على ماذا تدل الصيغ السابقة؟
ج87- فهذه الصيغ السابقة تدل على الطلب على سبيل الجزم فيستفاد منها إما الوجوب أو الفرض على قول الحنفية
س88- هناك أساليب أخرى يمكن أن يستفاد منها الوجوب أيضا يمكن أن نسميها بالصيغ غير الأصلية أو التابعة مثل وهذه عدة أنواع ,أذكرها؟
ج88- أولا ً : التصريح من الشارع بلفظ الأمر
كقوله تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} فيأمركم تصريح بالأمر لأداء الأمانات فيدل على الوجوب .
ثانيا ً : التصريح بلفظ الإيجاب والفرض والكتب وغيرها
كقوله تعالى {يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام} فلفظ كتب لفظ أمر يدل على الإيجاب وقوله تعالى {فريضة ًمن الله} فهو يدل على الإيجاب وقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الوتر " الوتر حق " فلفظ حق يدل أيضا ً على الإيجاب والإلزام.
ولذلك استفاد الحنفية من قول النبي صلى الله عليه وسلم هذا في الوتر أن حكمه الوجوب.
الثالث : ترتيب الذم والعقاب على الترك أو إحباط العمل به
مثل قوله تعالى {لئن أشركت ليحبطن عملك }وقول الرسول صلى الله عليه وسلم بعد قوله "الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا " فهذه ألفاظ تدل على الإيجاب والإلزام .
الرابع : كل أسلوب في اللغة العربية يفيد الوجوب
مثل قوله تعالى {ولله على الناس حج البيت من أستطاع إليه سبيلا}فعبارة ولله على الناس لفظ يدل في اللغة العربية على الوجوب فيكون دالا ً على الإيجاب والإلزام.وهذه الصيغ دالة على الفرض في الوقت نفسه عند الجمهور إلا أن الحنفية يفرقون بينهما باعتبار الدليل المثبت لهما كما سيأتي
*****
ما سأنقله لك هو من شرح الدكتور / مسلم الدوسري على روضة الناظر :
* صيغ الواجب وأساليبه وكيفية معرفته :
إن هناك صيغاً وأساليب للواجب في الشرع تدل على الوجوب والإلزام وهذه الصيغ هي صيغ الأمر إذا تجردت عن القرائن الصارفة لها عن الوجوب وهذه الصيغ منها صيغ ٌ أصلية ومنها صيغ تابعة .
فمن الصيغ الأصلية:
الأول : الأمر كقوله تعالى {وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة} فإن لفظ أقيموا وآتوا فعل أمر ٍ يدل على الوجوب وكقوله تعالى {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم} فـخذ فعل أمر يدل على الوجوب.
الثاني : فعل المضارع المقترن بلام الأمر كقوله تعالى {ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق} وإن ليقضوا وليوفوا وليطوفوا أفعال مضارعه اقترنت بلام الأمر فتدل على الوجوب وكقوله تعالى {لينفق ذو سعة من سعته} فإن قوله لينفق فعل مضارع مقترن بلام الأمر فيدل على الوجوب.
الثالث : اسم فعل الأمر كقوله تعالى {عليكم أنفسكم} فإن عليكم هنا فعل أمر بمعنى الزموا فهو يفيد الوجوب .
والرابع : المصدر النائب عن فعل الأمر كقوله تعالى {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} فقوله فضرب مصدر نائب عن فعل الأمر معنى أضربوا فيدل على الوجوب .
فهذه الصيغ السابقة تدل على الطلب على سبيل الجزم فيستفاد منها إما الوجوب أو الفرض على قول الحنفية إلا أن هناك أساليب أخرى يمكن أن يستفاد منها الوجوب أيضا يمكن أن نسميها بالصيغ غير الأصلية أو التابعة وهذه عدة أنواع منها :
أولا ً : التصريح من الشارع بلفظ الأمر كقوله تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} فيأمركم تصريح بالأمر لأداء الأمانات فيدل على الوجوب .
ثانيا ً : التصريح بلفظ الإيجاب والفرض والكَـتـْب وغيرها كقوله تعالى {يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام} فلفظ كتب لفظ أمر يدل على الإيجاب وقوله تعالى {فريضة ًمن الله} فهو يدل على الإيجاب وقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الوتر " الوتر حق " فلفظ حق يدل أيضا ً على الإيجاب والإلزام.
ولذلك استفاد الحنفية من قول النبي صلى الله عليه وسلم هذا في الوتر أن حكمه الوجوب.
الثالث : ترتيب الذم والعقاب على الترك أو إحباط العمل به مثل قوله تعالى {لئن أشركت ليحبطن عملك }وقول الرسول صلى الله عليه وسلم بعد قوله "الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا " فهذه ألفاظ تدل على الإيجاب والإلزام .
الرابع : كل أسلوب في اللغة العربية يفيد الوجوب مثل قوله تعالى {ولله على الناس حج البيت من أستطاع إليه سبيلا} فعبارة ولله على الناس لفظ يدل في اللغة العربية على الوجوب فيكون دالا ً على الإيجاب والإلزام . وهذه الصيغ دالة على الفرض في الوقت نفسه عند الجمهور إلا أن الحنفية يفرقون بينهما باعتبار الدليل المثبت لهما كما سيأتي .
الفرق بين الواجب والفرض عند الحنفيَّة :
الجمهور لا يفرقون بينه وبين الواجب ولذلك يعرفون ما عرفوا به الواجب عرفوا به الفرض فما فرق بينهم فكل واجب فرض وكل فرض واجب .
وأما الحنفية فإنهم فرقوا بين الواجب والفرض فقد عرفوا الواجب بأنه كما سبق ما ثبت طلبه من الشارع طلباً جازماً بدليل ظني وعندما جاءوا إلى الفرض عرفوه بأنه ما ثبت طلبه من الشارع طلباً جازما ً بدليل ٍ قطعي ... انتهى كلامه - حفظه الله - .
ثم نأتي إلى صيغ المندوب فيقول - حفظه الله - :
صيغ المندوب وأساليبه :
للمندوب صيغ كثيرة وله أساليب كثيرة ذكرها جماعة من الأصوليين وهذه الأساليب تفيدنا في التفريق بين المندوب وبين الواجب من هذه الصيغ والأساليب مثلاً :
الصيغة الأولى والأمر الأول : الذي يعرف به الندب ونتوصل به إلى معرفة المندوب.
صيغة الأمر الصريح إذا وجدت معها قرينة تصرفها من الوجوب إلى الندب فنحن نعلم كما بينا لكم في صيغ الواجب أو الأمور الكيفية في معرفة الواجب أن من الأمور التي يعرف بها الواجب صيغة الأمر المجرد من القرينة كقوله تعالى {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} ونحو ذلك .
أما إذا كانت عندنا صيغة أمر صريح ووجدت معها قرينة فإن في هذه الحالة تصرفه من الوجوب إلى الندب وقد تصرفه من الوجوب إلى الإباحة لكن نحن نتكلم عن صيغه تصرف الأمر من الوجوب إلى الندب وهذه الصيغ حقيقة كثيرة فعندنا صيغ أو صوارف هذه الصوارف تصرف الأمر من الوجوب إلى الندب صوارف كثيرة منها نصوص ترد في الشريعة / ومنه مثلا قواعد عامة في الشريعة .
فمن أمثلة النصوص: قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى اكتبوه} لفظ اكتبوه هنا أمر وهو أمر لو تجرد عن القرينة لكان دال على وجوب كتابة الدين في حال وجود مداينة لكن هذا الأمر حمله العلماء على الندب فقالوا إنه مندوب لأن هذا المندوب قد وردت قرينة تصرفه من الوجوب إلى الندب وهذه القرينة وردت في نص آخر وهو قوله تعالى {فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته}
وقد تكون القرينة صارفة من الوجوب إلى الندب قاعدة شرعية فمثلا ًبقوله تعالى في شأن المماليك: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} والمكاتبة المقصود بها أن يتفق السيد مع مملوكه أو أمته على أنه يدفع له أو يعطيه مالاً مقسطا ًلأن العبد يريد الفكاك من الرق فيعطي سيده مالاً مقسطاً فإذا دفع له حقه كاملاً فإنه حينئذ يكون المكاتب حراً . فهذه المكاتبة قد ورد الأمر بها في قوله تعالى: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} فهذا أمر ولو كان هذا الأمر بصورة متجردة لكن كان دال على الوجوب لكن العلماء حملوه على الندب وقالوا هذا الأمر يفيد الندب والصارف له قاعدة من قواعد الشريعة العامة فإن من قواعد الشريعة العامة في الملكية أن المالك حر في تصرفه في ملكه وإذا كان المالك حر في تصرفه لملكه فإن هذا الأمر ينبغي أن يحمل على الندب ولا يحمل على الوجوب
والصيغة التي يستفاد منها الندب مثلا : إذا وردت في صيغة لفظية تدل على الندب .
مثل لفظ مندوب أو لفظ سنة أو نحو ذلك مثلا وردت في تعبير صلى الله عليه وسلم في قوله في قيام رمضان ( وسننت لكم قيامه ) فلفظ سننت يعني من قبيل السنة فهذا يدل على أن قيام رمضان سنة وليس واجب بدلالة هذا اللفظ ولم يقل أوجبت أو نحو ذلك .
أو بعض الألفاظ التي تدل على المفاضلة فإن لفظ المفاضلة تدل على أن هذا الأمر مندوب وليس واجب كما في قوله صلى الله عليه وسلم في غسل الجمعة: (ومن اغتسل فالغسل أفضل) فيدل على أن الغسل مندوب أي مستحب في الجمعة لدلالة لفظ أفضل هنا في المفاضلة بين الغسل والوضوء .
الصيغة الثانية: الألفاظ الدالة على الترغيب مثل لفظ حبذا لو فعلت كذا أو نعم هذا الأمر
مثلاً قول صلى الله عليه وسلم لبريرة حين عتقت وهي زوجة لرقيق قوله صلى الله عليه وسلم (لو راجعته) وقوله لو راجعته هنا لو للترغيب فهي تدل أن المراجعة هنا مندوبة أو مستحبة من بريرة رضي الله عنها لزوجها الرقيق بعد أن فصلت عنه لكونها عتقت وصارت حرة وقوله صلى الله عليه وسلم: (أحب العمل إلى الله الصلاة لوقتها) وغير ذلك من العبارات الدالة على الندب.
الألفاظ المرادفة للمندوب :
هناك عندنا في الشرع أو في ألفاظ الفقهاء ألفاظ ترادف الندب يعني تعبير بلفظ المندوب تدل على أن هذا الشيء مأمور به لكن على غير وجه الجزم ولم يطلب منا فعله حتما ولزوما فعبر علماء الشرع عن هذا بألفاظ منها مثلاً لفظ السنة فإنه يفيد معنى المندوب ولفظ أيضا المستحب فأيضاً هذا يفيد لفظ المندوب ولفظ النفل فهو أيضا يفيد المندوب ولفظ التطوع فإنه يفيد معنى المندوب ...
فإذن جمهور العلماء في الغالب والأصوليين لا يُفـرِّقـون بين لفظ المندوب ولفظ السنة ولفظ المستحب ولفظ النفل ولفظ التطوع فنقول إن كل هذه الألفاظ تدل على معنى واحد وهو أن هذا الشيء مطلوب على غير وجه الجزم .
لكن الحقيقة أن الحنفية خالفوا في هذا ونحتاج أن نقف عند هذا لأن الذي يقرأ في كتب الحنفية في الفقه يحتاج إلى أن يتأمل ألفاظهم لأنهم يعبرون بألفاظ لفظ سنة ولفظ نفل ويعنون بها أمور أخرى غير المندوب بينما هي عند الجمهور تساوي المندوب تماماً .
فالحنفية خالفوا وفرقوا بين السنة والنفل وجعلوا المندوب هو الذي يرادف النفل فقالوا المندوب يرادف النفل ولكن السنة أعلى من المندوب في الرتبة .
فمثلا عند الحنفية السنة هي ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وواظب عليه .
والمستحب هو ما فعله صلى الله عليه وسلم ولم يواظب عليه بل فعله مره أو مرتين أي من قبيل السنة الغير مؤكدة .
والتطوع هو الذي لم يفعله صلى الله عليه وسلم بل أنشأه المكلف من نفسه واختياره . ( انتهى كلامه - حفظه الله - )
* صيغ الواجب وأساليبه وكيفية معرفته :
إن هناك صيغاً وأساليب للواجب في الشرع تدل على الوجوب والإلزام وهذه الصيغ هي صيغ الأمر إذا تجردت عن القرائن الصارفة لها عن الوجوب وهذه الصيغ منها صيغ ٌ أصلية ومنها صيغ تابعة .
فمن الصيغ الأصلية:
الأول : الأمر كقوله تعالى {وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة} فإن لفظ أقيموا وآتوا فعل أمر ٍ يدل على الوجوب وكقوله تعالى {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم} فـخذ فعل أمر يدل على الوجوب.
الثاني : فعل المضارع المقترن بلام الأمر كقوله تعالى {ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق} وإن ليقضوا وليوفوا وليطوفوا أفعال مضارعه اقترنت بلام الأمر فتدل على الوجوب وكقوله تعالى {لينفق ذو سعة من سعته} فإن قوله لينفق فعل مضارع مقترن بلام الأمر فيدل على الوجوب.
الثالث : اسم فعل الأمر كقوله تعالى {عليكم أنفسكم} فإن عليكم هنا فعل أمر بمعنى الزموا فهو يفيد الوجوب .
والرابع : المصدر النائب عن فعل الأمر كقوله تعالى {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} فقوله فضرب مصدر نائب عن فعل الأمر معنى أضربوا فيدل على الوجوب .
فهذه الصيغ السابقة تدل على الطلب على سبيل الجزم فيستفاد منها إما الوجوب أو الفرض على قول الحنفية إلا أن هناك أساليب أخرى يمكن أن يستفاد منها الوجوب أيضا يمكن أن نسميها بالصيغ غير الأصلية أو التابعة وهذه عدة أنواع منها :
أولا ً : التصريح من الشارع بلفظ الأمر كقوله تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} فيأمركم تصريح بالأمر لأداء الأمانات فيدل على الوجوب .
ثانيا ً : التصريح بلفظ الإيجاب والفرض والكَـتـْب وغيرها كقوله تعالى {يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام} فلفظ كتب لفظ أمر يدل على الإيجاب وقوله تعالى {فريضة ًمن الله} فهو يدل على الإيجاب وقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الوتر " الوتر حق " فلفظ حق يدل أيضا ً على الإيجاب والإلزام.
ولذلك استفاد الحنفية من قول النبي صلى الله عليه وسلم هذا في الوتر أن حكمه الوجوب.
الثالث : ترتيب الذم والعقاب على الترك أو إحباط العمل به مثل قوله تعالى {لئن أشركت ليحبطن عملك }وقول الرسول صلى الله عليه وسلم بعد قوله "الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا " فهذه ألفاظ تدل على الإيجاب والإلزام .
الرابع : كل أسلوب في اللغة العربية يفيد الوجوب مثل قوله تعالى {ولله على الناس حج البيت من أستطاع إليه سبيلا} فعبارة ولله على الناس لفظ يدل في اللغة العربية على الوجوب فيكون دالا ً على الإيجاب والإلزام . وهذه الصيغ دالة على الفرض في الوقت نفسه عند الجمهور إلا أن الحنفية يفرقون بينهما باعتبار الدليل المثبت لهما كما سيأتي .
الفرق بين الواجب والفرض عند الحنفيَّة :
الجمهور لا يفرقون بينه وبين الواجب ولذلك يعرفون ما عرفوا به الواجب عرفوا به الفرض فما فرق بينهم فكل واجب فرض وكل فرض واجب .
وأما الحنفية فإنهم فرقوا بين الواجب والفرض فقد عرفوا الواجب بأنه كما سبق ما ثبت طلبه من الشارع طلباً جازماً بدليل ظني وعندما جاءوا إلى الفرض عرفوه بأنه ما ثبت طلبه من الشارع طلباً جازما ً بدليل ٍ قطعي ... انتهى كلامه - حفظه الله - .
ثم نأتي إلى صيغ المندوب فيقول - حفظه الله - :
صيغ المندوب وأساليبه :
للمندوب صيغ كثيرة وله أساليب كثيرة ذكرها جماعة من الأصوليين وهذه الأساليب تفيدنا في التفريق بين المندوب وبين الواجب من هذه الصيغ والأساليب مثلاً :
الصيغة الأولى والأمر الأول : الذي يعرف به الندب ونتوصل به إلى معرفة المندوب.
صيغة الأمر الصريح إذا وجدت معها قرينة تصرفها من الوجوب إلى الندب فنحن نعلم كما بينا لكم في صيغ الواجب أو الأمور الكيفية في معرفة الواجب أن من الأمور التي يعرف بها الواجب صيغة الأمر المجرد من القرينة كقوله تعالى {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} ونحو ذلك .
أما إذا كانت عندنا صيغة أمر صريح ووجدت معها قرينة فإن في هذه الحالة تصرفه من الوجوب إلى الندب وقد تصرفه من الوجوب إلى الإباحة لكن نحن نتكلم عن صيغه تصرف الأمر من الوجوب إلى الندب وهذه الصيغ حقيقة كثيرة فعندنا صيغ أو صوارف هذه الصوارف تصرف الأمر من الوجوب إلى الندب صوارف كثيرة منها نصوص ترد في الشريعة / ومنه مثلا قواعد عامة في الشريعة .
فمن أمثلة النصوص: قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى اكتبوه} لفظ اكتبوه هنا أمر وهو أمر لو تجرد عن القرينة لكان دال على وجوب كتابة الدين في حال وجود مداينة لكن هذا الأمر حمله العلماء على الندب فقالوا إنه مندوب لأن هذا المندوب قد وردت قرينة تصرفه من الوجوب إلى الندب وهذه القرينة وردت في نص آخر وهو قوله تعالى {فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته}
وقد تكون القرينة صارفة من الوجوب إلى الندب قاعدة شرعية فمثلا ًبقوله تعالى في شأن المماليك: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} والمكاتبة المقصود بها أن يتفق السيد مع مملوكه أو أمته على أنه يدفع له أو يعطيه مالاً مقسطا ًلأن العبد يريد الفكاك من الرق فيعطي سيده مالاً مقسطاً فإذا دفع له حقه كاملاً فإنه حينئذ يكون المكاتب حراً . فهذه المكاتبة قد ورد الأمر بها في قوله تعالى: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} فهذا أمر ولو كان هذا الأمر بصورة متجردة لكن كان دال على الوجوب لكن العلماء حملوه على الندب وقالوا هذا الأمر يفيد الندب والصارف له قاعدة من قواعد الشريعة العامة فإن من قواعد الشريعة العامة في الملكية أن المالك حر في تصرفه في ملكه وإذا كان المالك حر في تصرفه لملكه فإن هذا الأمر ينبغي أن يحمل على الندب ولا يحمل على الوجوب
والصيغة التي يستفاد منها الندب مثلا : إذا وردت في صيغة لفظية تدل على الندب .
مثل لفظ مندوب أو لفظ سنة أو نحو ذلك مثلا وردت في تعبير صلى الله عليه وسلم في قوله في قيام رمضان ( وسننت لكم قيامه ) فلفظ سننت يعني من قبيل السنة فهذا يدل على أن قيام رمضان سنة وليس واجب بدلالة هذا اللفظ ولم يقل أوجبت أو نحو ذلك .
أو بعض الألفاظ التي تدل على المفاضلة فإن لفظ المفاضلة تدل على أن هذا الأمر مندوب وليس واجب كما في قوله صلى الله عليه وسلم في غسل الجمعة: (ومن اغتسل فالغسل أفضل) فيدل على أن الغسل مندوب أي مستحب في الجمعة لدلالة لفظ أفضل هنا في المفاضلة بين الغسل والوضوء .
الصيغة الثانية: الألفاظ الدالة على الترغيب مثل لفظ حبذا لو فعلت كذا أو نعم هذا الأمر
مثلاً قول صلى الله عليه وسلم لبريرة حين عتقت وهي زوجة لرقيق قوله صلى الله عليه وسلم (لو راجعته) وقوله لو راجعته هنا لو للترغيب فهي تدل أن المراجعة هنا مندوبة أو مستحبة من بريرة رضي الله عنها لزوجها الرقيق بعد أن فصلت عنه لكونها عتقت وصارت حرة وقوله صلى الله عليه وسلم: (أحب العمل إلى الله الصلاة لوقتها) وغير ذلك من العبارات الدالة على الندب.
الألفاظ المرادفة للمندوب :
هناك عندنا في الشرع أو في ألفاظ الفقهاء ألفاظ ترادف الندب يعني تعبير بلفظ المندوب تدل على أن هذا الشيء مأمور به لكن على غير وجه الجزم ولم يطلب منا فعله حتما ولزوما فعبر علماء الشرع عن هذا بألفاظ منها مثلاً لفظ السنة فإنه يفيد معنى المندوب ولفظ أيضا المستحب فأيضاً هذا يفيد لفظ المندوب ولفظ النفل فهو أيضا يفيد المندوب ولفظ التطوع فإنه يفيد معنى المندوب ...
فإذن جمهور العلماء في الغالب والأصوليين لا يُفـرِّقـون بين لفظ المندوب ولفظ السنة ولفظ المستحب ولفظ النفل ولفظ التطوع فنقول إن كل هذه الألفاظ تدل على معنى واحد وهو أن هذا الشيء مطلوب على غير وجه الجزم .
لكن الحقيقة أن الحنفية خالفوا في هذا ونحتاج أن نقف عند هذا لأن الذي يقرأ في كتب الحنفية في الفقه يحتاج إلى أن يتأمل ألفاظهم لأنهم يعبرون بألفاظ لفظ سنة ولفظ نفل ويعنون بها أمور أخرى غير المندوب بينما هي عند الجمهور تساوي المندوب تماماً .
فالحنفية خالفوا وفرقوا بين السنة والنفل وجعلوا المندوب هو الذي يرادف النفل فقالوا المندوب يرادف النفل ولكن السنة أعلى من المندوب في الرتبة .
فمثلا عند الحنفية السنة هي ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وواظب عليه .
والمستحب هو ما فعله صلى الله عليه وسلم ولم يواظب عليه بل فعله مره أو مرتين أي من قبيل السنة الغير مؤكدة .
والتطوع هو الذي لم يفعله صلى الله عليه وسلم بل أنشأه المكلف من نفسه واختياره . ( انتهى كلامه - حفظه الله - )
*****
الصيغ الدالة على الندب (المندوب)
أذكر صيغ المندوب؟
ج---- 1- الذي يعرف به الندب ونتوصل به إلى معرفة المندوب.صيغة الأمر الصريح
2- الألفاظ الدالة على الترغيب مثل لفظ حبذا لو فعلت كذا أو نعم هذا الأمر
س----- تكلم عن صيغ المندوب وأساليبه ؟ وتكلم عن الصيغة الأولى؟
ج------ أما ما يتعلق بصيغ المندوب وأساليبه فإنه حقيقة أن للمندوب صيغ كثيرة وله أساليب كثيرة ذكرها جماعه من الأصوليين وهذه الأساليب تفيدنا في التفريق بين المندوب وتفيد في التفريق بينه وبينالواجب من هذه الصيغ والأساليب مثلاً :
الصيغة الأولى والأمر الأول : الذي يعرف به الندب ونتوصل به إلى معرفة المندوب.
صيغة الأمر الصريح إذا وجدت معها قرينة تصرفها من الوجوب إلى الندب فنحن نعلم كما بينا لكم في الصيغ الواجب أو الأمور الكيفية في معرفة الواجب أن من الأمور التي يعرف بها الواجب صيغة الأمر المجرد من القرينة كقوله تعالى {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} ونحو ذلك.أما إذا كانت عندنا صيغة أمر صريح ووجدت معها قرينة فإن في هذه الحالة تصرفه من الوجوب إلى الندب وقد تصرفه من الوجوب إلى الإباحة لكن نحن نتكلم عن صيغه تصرف الأمر من الوجوب إلى الندب وهذه الصيغ حقيقة كثيرة فعندنا صيغ أو صوارف هذه الصوارف تصرف الأمر من الوجوب إلى الندب صوارف كثيرة منها نصوص ترد في الشريعة / ومنه مثلا قواعد عامة في الشريعة فمن أمثلة النصوص: قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى اكتبوه}
لفظ اكتبوه هنا أمر وهو أمر لو تجرد عن القرينة لكان دال على وجوب كتابة الدين في حال وجود مداينة لكن هذا الأمر حمله العلماء على الندب فقالوا إنه مندوب لأن هذا المندوب قد وردت قرينة تصرفه من الوجوب إلى الندب وهذه القرينة وردت في نص آخر وهو قوله تعالى {فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته} فهذا الأمر الذي في قوله فاكتبوه مصروف عن الوجوب إلى الندب بالقرينة الدالة على ذلك وهذه القرينة وردت في نص آخر وقد تكون القرينة صارفة من الوجوب إلى الندب قاعدة شرعية فمثلا ًبقوله تعالى في شأن المماليك: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} والمكاتبة المقصود بها أن يتفق السيد مع مملوكه أو أمته على أنه يدفع له أو يعطيه مالاً مقسطا ًلأن العبد يريد الفكاك من الرق فيعطي سيده مالاً مقسطاً فإذا دفع له حقه كاملاً فإنه حينئذ يكون المكاتب حراً فهذه تسمى المكاتبة وهي أن يدفع أو يتفق السيد مع عبده على أن يدفع له مالاً مقسطاً على أشهر أو نحو ذلك فإذا دفع الرقيق المال كاملا فإنه يكون حراً فهذه المكاتبة فقدورد الأمر بها في قوله تعالى: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} فهذا أمر ولو كان هذا الأمر بصورة متجردة لكن كان دال على الوجوب لكن العلماء حملوه على الندب وقالوا هذا الأمر يفيد الندب والصارف له قاعدة من قواعد الشريعة العامة فإن من قواعد الشريعة العامة في الملكية أن المالك حر في تصرفه في ملكه وإذا كان المالك حر في تصرفه لملكه فإن هذا الأمر ينبغي أن يحمل على الندب ولا يحمل على الوجوب هذه صيغة من صيغ الأمر الصيغة الأولى الدالة على الندب وهي صيغه الأمر الصريح إذا اقترنت بقرينه يعني تصريفها من الوجوب إلى الندب من الأمور التي يستفاد منها الندب والصيغة التي يستفاد منها الندب مثلا إذا وردت في صيغه لفظيه تدل على الندب مثل لفظ مندوب أو لفظ سنة أو نحو ذلك مثلا وردت في تعبير صلى الله عليه وسلم في قوله في قيام رمضان (وسننت لكم قيامه) فلفظ سننت يعني من قبيل السنة فهذا يدل على أن قيام رمضان سنة وليس واجب بدلالة هذا اللفظ ولم يقل أوجبت أو نحو ذلك أو بعض الألفاظ التي تدل على المفاضلة فإن لفظ المفاضلة تدل على أن هذا الأمر مندوب وليس واجب كما في قوله صلى الله عليه وسلم في غسل الجمعة: (ومن اغتسل فالغسل أفضل) فيدل على أن الغسل مندوب أي مستحب في الجمعة لدلالة لفظ أفضل هنا في المفاضلة بين الغسل والوضوء .
س----- تكلم عن صيغ المندوب وأساليبه ؟ وتكلم عن الصيغة الثانية؟
ج----- الصيغة الثانية: الألفاظ الدالة على الترغيب مثل لفظ حبذا لو فعلت كذا أو نعم هذا الأمر .
مثلاً قول صلى الله عليه وسلم لبريرة حين عتقت وهي زوجة لرقيق قوله صلى الله عليه وسلم (لو راجعته) وقوله لو راجعته هنا لو لترغيب فهي تدل أن المراجعة هنا مندوبة أو مستحبة من بريرة رضي الله عنها لزوجها الرقيق بعد أن فصلت عنه لكونها عتقت وصارت حرة وقوله صلى الله عليه وسلم: (أحب العمل إلى الله الصلاة لوقتها)وغير ذلك من العبارات الدالة على الندب.
وهناك حقيقة جمله من الأساليب والصيغ وهي كثيرة في الشريعة أيضا ذكرها الأصوليون في مختلف مؤلفاتهم في أصول الفقه ومنهم من يكثر من هذه الصيغ ومنهم من يقل وأيضا اعتنت بها كتب التفاسير والمتعلقة بشرح أوامر القرآن ونواهيه وأيضا الكتب المتعلقة بشروح السنة في أوامر النبي صلى الله عليه وسلم فإنها تحدثت عن جملة من هذه الصيغ في ما يتعلق في صيغ وأساليب الندب.
******
لمعرفة المندوب طرق كثيرة منها:
أولاً : صيغة الأمر[1] المصروفة عن الوجوب إلى الندب, مثل: الأمر في قوله تعالى: {... وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ... }النور: ٣٣ فالأمر في الآية محمول على الندب عند جماهير العلماء, قال القرطبي[2] ـ رحمه الله ـ :
وتمسك الجمهور بأن الإجماع منعقد على أنه لو سأله أن يبيعه من غيره لم يلزمه ذلك، ولم يجبر عليه, وإن ضوعف له في الثمن.
وكذلك لو قال له: اعتقني أو دبرني أو زوجنى لم يلزمه ذلك بإجماع، فكذلك الكتابة؛ لأنها معاوضة؛ فلا تصح إلا عن تراض [3].
ثانيا: فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد ذكر العلماء سبع حالات يكون فيها فعله ـ صلى الله عليه وسلم ـ محمولاً على الندب , وهي [4]:
1) أن يثبت بقوله ونصه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن فعله على سبيل الندبوالاستحباب, ومثاله: حديث أسامة بن زيد[5] قال قلت : يا رسول الله إنك تصوم حتى لا تكاد تفطر, وتفطر حتى لا تكاد أن تصوم إلا يومين إن دخلا في صيامك وإلا صمتهما قال: أي يومين, قلت: يوم الإثنين ويوم الخميس, قال: ذانك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم[6] .
فبين ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه استحب صيام اليومين المذكورين لما ذكره من عرض الأعمال, ولو كان صومهما واجبا لبيّنه.
2) أن يكون الفعل بيانا لقول دال على الندب, أو امتثالا له.
3) أن يسوّي بين الفعل وفعل آخر مندوب, والتخيير تسوية, لأنه لا يخير بين ما هو مندوب وما ليس بمندوب.
4) أن يكون وقوع الفعل مع قرينة قد تقرر في الشريعة أنها أمارة للندب, كصلاة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ الوتر على الراحلة[7] , فإنه دليل على أن الوتر ليس بواجب؛ لأن الفرائض لا تصلى على الراحلة.
5) أن يقع الفعل قضاء لمندوب, كالركعتين بعد العصر , صلاهما النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ بدلا عن الركعتين التي بعد الظهر[8]
6) المواظبة على الفعل في العبادة مع الإخلال به أحيانا لغير عذر ولا نسخ, فالمواظبة تدل على أنه طاعة وقربة, وتركه أحياناً يدل على أنه ليس بواجب.
7) أن يعلم من قصده ـ صلى الله عليه و سلم ـ أنه قصد القربة بذلك الفعل, فيعلم أنه راجح الوجود, ثم نعرف انتفاء الوجوب بحكم الاستصحاب؛ فيثبت الندب .
ثالثاً: التعبير بالندب أو بعض أسمائه كالاستحباب والتطوع والنافلة وما تصرف من ذلك[9]. قال ابن عقيل: أصرح صيغة في الندب: افعل فقد ندبتك, أو ندبتك إلى كذا وكذا, أو أستحب لك أن تفعل كذا, فهذه ألفاظ لا يقع الخلاف فيها؛ لأنها صريحة فيما وضعت له [10], ومن ذلك التعبير بالألفاظ التالية:
1) التعبير بلفظ الندب وما تصرف منه. ومن أمثلة ذلك:
حديث جابر بن عبد الله [11] - رضي الله عنهما - قال ندب النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس - قال صدقة أظنه - يوم الخندق فانتدب الزبير ، ثم ندب فانتدب الزبير ، ثم ندب الناس فانتدب الزبير فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - « إن لكل نبي حواريا ، وإن حواريّ الزبير بن العوام [12] »[13].
2) التعبير بلفظ الاستحباب وما تصرف منه. ومن أمثلة ذلك:
حديث أبي برزة الأسلمي [14] : كان يستحب أن يؤخر العشاء التي تدعونها العتمة، وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها[15].
3) التعبير بلفظ التطوع وما تصرف منه, ومن أمثلة ذلك:
- قول الله تعالى : {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }التوبة: ٧٩أي: يلمزون المتطوعين, وهم المتبرعون بأموالهم.
ـ حديث أم حبيبة [16] زوج النبى -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول « ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة أو إلا بني له بيت في الجنة»[17].
4) التعبير بلفظ النافلة وما تصرف منها.ومن أمثلة ذلك:
- قول الله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً }الإسراء: ٧٩ .
ـ حديث أبى ذر [18] قال: قال لي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : « كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها أو يميتون الصلاة عن وقتها ». قال: قلت: فما تأمرني قال: « صل الصلاة لوقتها, فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة»[19].
رابعاً : الترغيب في الفعل بمدح فاعله, وبيان ما يترتب عليه من الأجر والثواب, وما أشبه ذلك, وقد ذكر العز بن عبد السلام[20] ـ رحمه الله ـ عدداً من الأساليب الدالة على طلب الفعل في كتابه الإمام[21], وتبعه في ذلك ابن القيم[22] ـ رحمه الله ـ حيث قال: كل فعل عظمه الله ورسوله, ومدحه أو مدح فاعله لأجله, أو فرح به أو أحبه أو أحب فاعله أو رضي به أو رضي عن فاعله أو وصفه بالطيب أو البركة أو الحسن أو نصبه سببا لمحبته أو لثواب عاجل أو آجل أو نصبه سببا لذكره لعبده أو لشكره له أو لهدايته إياه أو لإرضاء فاعله أو لمغفرة ذنبه وتكفير سيئاته أو لقبوله أو لنصرة فاعله أو بشارة فاعله بالطيب أو وصف الفعل بكونه معروفا أو نفي الحزن والخوف عن فاعله أو وعده بالأمن أو نصبه سببا لولايته أو أخبر عن دعاء الرسل بحصوله أو وصفه بكونه قربة أو أقسم به أو بفاعله, كالقسم بخيل المجاهدين وإغارتها أو ضحك الرب جل جلاله من فاعله أو عجبه به فهو دليل على مشروعيته المشتركة بين الوجوب والندب[23].
صيغ المندوب وأساليبه:
==============
للمندوب صيغ كثيرة وله أساليب كثيرة ذكرها جماعة من الأصوليين وهذه الأساليب تفيدنا في التفريق بين المندوب وبين الواجب من هذه الصيغ والأساليب مثلاً :
الصيغة الأولى والأمر الأول الذي يعرف به الندب ونتوصل به إلى معرفة المندوب صيغة الأمر الصريح إذا وجدت معها قرينة تصرفها من الوجوب إلى الندب فنحن نعلم كما بينا لكم في صيغ الواجب أو الأمور الكيفية في معرفة الواجب أن من الأمور التي يعرف بها الواجب صيغة الأمر المجرد من القرينة كقوله تعالى {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} ونحو ذلك
أما إذا كانت عندنا صيغة أمر صريح ووجدت معها قرينة فإن في هذه الحالة تصرفه من الوجوب إلى الندب وقد تصرفه من الوجوب إلى الإباحة لكن نحن نتكلم عن صيغه تصرف الأمر من الوجوب إلى الندب وهذه الصيغ حقيقة كثيرة فعندنا صيغ أو صوارف هذه الصوارف تصرف الأمر من الوجوب إلى الندب صوارف كثيرة منها نصوص ترد في الشريعة ومنه مثلا قواعد عامة في الشريعة .
فمن أمثلة النصوص: قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى اكتبوه} لفظ اكتبوه هنا أمر وهو أمر لو تجرد عن القرينة لكان دال على وجوب كتابة الدين في حال وجود مداينة لكن هذا الأمر حمله العلماء على الندب فقالوا إنه مندوب لأن هذا المندوب قد وردت قرينة تصرفه من الوجوب إلى الندب وهذه القرينة وردت في نص آخر وهو قوله تعالى {فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته}
وقد تكون القرينة صارفة من الوجوب إلى الندب قاعدة شرعية فمثلا ًبقوله تعالى في شأن المماليك: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} والمكاتبة المقصود بها أن يتفق السيد مع مملوكه أو أمته على أنه يدفع له أو يعطيه مالاً مقسطا ًلأن العبد يريد الفكاك من الرق فيعطي سيده مالاً مقسطاً فإذا دفع له حقه كاملاً فإنه حينئذ يكون المكاتب حراً . فهذه المكاتبة قد ورد الأمر بها في قوله تعالى: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} فهذا أمر ولو كان هذا الأمر بصورة متجردة لكن كان دال على الوجوب لكن العلماء حملوه على الندب وقالوا هذا الأمر يفيد الندب والصارف له قاعدة من قواعد الشريعة العامة فإن من قواعد الشريعة العامة في الملكية أن المالك حر في تصرفه في ملكه وإذا كان المالك حر في تصرفه لملكه فإن هذا الأمر ينبغي أن يحمل على الندب ولا يحمل على الوجوب
والصيغة التي يستفاد منها الندب مثلا : إذا وردت في صيغة لفظية تدل على الندب مثل لفظ مندوب أو لفظ سنة أو نحو ذلك مثلا وردت في تعبير صلى الله عليه وسلم في قوله في قيام رمضان ( وسننت لكم قيامه ) فلفظ سننت يعني من قبيل السنة فهذا يدل على أن قيام رمضان سنة وليس واجب بدلالة هذا اللفظ ولم يقل أوجبت أو نحو ذلك أو بعض الألفاظ التي تدل على المفاضلة فإن لفظ المفاضلة تدل على أن هذا الأمر مندوب وليس واجب كما في قوله صلى الله عليه وسلم في غسل الجمعة: (ومن اغتسل فالغسل أفضل) فيدل على أن الغسل مندوب أي مستحب في الجمعة لدلالة لفظ أفضل هنا في المفاضلة بين الغسل والوضوء .
الصيغة الثانية: الألفاظ الدالة على الترغيب مثل لفظ حبذا لو فعلت كذا أو نعم هذا الأمر مثلاً قول صلى الله عليه وسلم لبريرة حين عتقت وهي زوجة لرقيق قوله صلى الله عليه وسلم (لو راجعته) وقوله لو راجعته هنا لو للترغيب فهي تدل أن المراجعة هنا مندوبة أو مستحبة من بريرة رضي الله عنها لزوجها الرقيق بعد أن فصلت عنه لكونها عتقت وصارت حرة وقوله صلى الله عليه وسلم: (أحب العمل إلى الله الصلاة لوقتها) وغير ذلك من العبارات الدالة على الندب.
الألفاظ المرادفة للمندوب
-----------------------------
في الشرع أو في ألفاظ الفقهاء ألفاظ ترادف الندب يعني تعبير بلفظ المندوب تدل على أن هذا الشيء مأمور به لكن على غير وجه الجزم ولم يطلب منا فعله حتما ولزوما فعبر علماء الشرع عن هذا بألفاظ منها مثلاً لفظ السنة فإنه يفيد معنى المندوب ولفظ أيضا المستحب فأيضاً هذا يفيد لفظ المندوب ولفظ النفل فهو أيضا يفيد المندوب ولفظ التطوع فإنه يفيد معنى المندوب ...
فإذن جمهور العلماء في الغالب والأصوليين لا يُفـرِّقـون بين لفظ المندوب ولفظ السنة ولفظ المستحب ولفظ النفل ولفظ التطوع فنقول إن كل هذه الألفاظ تدل على معنى واحد وهو أن هذا الشيء مطلوب على غير وجه الجزم
عند الحنفية:
---------------
فالحنفية خالفوا وفرقوا بين السنة والنفل وجعلوا المندوب هو الذي يرادف النفل فقالوا المندوب يرادف النفل ولكن السنة أعلى من المندوب في الرتبة
فمثلا عند الحنفية السنة هي ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وواظب عليه.
والمستحب هو ما فعله صلى الله عليه وسلم ولم يواظب عليه بل فعله مره أو مرتين أي من قبيل السنة الغير مؤكدة
والتطوع هو الذي لم يفعله صلى الله عليه وسلم بل أنشأه المكلف من نفسه واختياره
*******
صيغ المحرم ؛ فيقول - حفظه الله - عند هذا المبحث :
المحرم يطلق عليه العلماء عدة تسميات وعدة إطلاقات :
فالمحرم يسمى المحظور ويسمى الممنوع ويسمى المزجور عنه ويسمى المعصية ويسمى الذنب والقبيح والسيئة والفاحشة والإثم والعقوبة ونحو ذلك من الألفاظ التي يذكرها العلماء في مظانها ويقصدون بها المحرم ...
إلى أن قال :
صـيـغ الحـرام وأسـالـيـبـه :
يعني إذا أردنا أن نعرف محرما ً من المحرمات فكيف نصل إلى معرفة هذا المحرم ؟
الحقيقة أن المحرم له صيغ وأساليب مختلفة يمكن من خلالها معرفة هذا المحرم منها :
الصيغة الأولى : صيغة النهي إذا جاءت مطلقة عما يصرفها عن حقيقتها إلى معان أخرى فالأصل في النهي أنه للتحريم كما في قوله تعالى ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) وقوله تعالى ( ولا تأكلوا الربا ) أو قوله ( يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا ً مضاعفة ).
وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - " لا يبع بعضكم على بيع بعض " فلو جاءت معها قرينة ٌ تصرفها فإنها تنصرف إلى الكراهة كما أشرنا في مسائل المكروه .
الصيغة الثانية : استعمال لفظة التحريم ومشتقاتها كما في قوله تعالى { حرمت عليكم الميتة } وقوله تعالى { وهو محرم عليكم إخراجهم } وقوله - صلى الله عليه وسلم - " إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات " .
الصيغة الثالثة : التصريح بعدم الجواز ونفي الحل . لو صرح الشرع بأن هذا الأمر غير جائز أو أنه ليس حلالا فإنه يكون محرما مثل قوله تعالى ( ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا ) وقوله : " لا يحل دم امرئ مسلم ٍ إلا بإحدى ثلاث " .
الصيغة الرابعة : ترتيب العقوبة على الفعل من الله تعالى أو من النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يذكر فعل ٌ ما ؛ ثم يذكر له عقوبة كقوله تعالى ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ) فالجلد هنا عقوبة على القذف فيكون القذف محرما ً وقوله تعالى ( فالسارق والسارقة ُ فاقطعوا أيديهما ) فالسرقة ُ هنا محرمة لأنه رتب عليها عقوبة وهي القطع وقوله - صلى الله عليه وسلم - " ومن ظلم من الأرض قيد شبر طوقه من سبع أرضين " فهذا أيضاً دليل على أن الظلم هو محرم بدلالة أنه رتب عليه عقوبة ٌ وجزاء ٌ يوم القيامة .
الصيغة الخامسة : صيغة الأمر التي تدل على طلب الترك والمنع من الفعل مثل لفظ الاجتناب أو لفظ اتركوا أو الكف أو نحو ذلك فيعتبرها بعض العلماء من النواهي والصيغ التي تدل على التحريم كقوله تعالى : ( واجتنبوا قول الزور ) وقوله تعالى : ( وذروا ما بقي من الربا ( فقوله ( اجتنبوا ) فهذه صيغة أمر لكنها تدل على وجوب الترك , و( ذروا ) أيضاً هي صيغة أمر وهي تدل على وجوب الترك ووجوب الترك معنى هذا أن هذا الأمر محرم . ...
ثم نأتي إلى صيغ المكروه ؛ فقال - حفظه الله - عند هذا المبحث :
صيغ المكروه وأساليبه الدالة عليه :
هناك عدة صيغ وأساليب تدل على المكروه في الشرع بحيث أنه من خلال هذه الصيغ نعرف المكروه .
منها مثل لفظة ( كـره ) وما يشتق منها مثل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال ) ..
والصيغة الثانية لمعرفة المكروه لفظة ( بغض ) وما يشتق منها . ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ( أبغض الحلال إلى الله الطلاق ) فلفظ أبغض تدل على البغض . والبغض هنا تدل على أن ترك الشيء خير من فعله.
الصيغة الثالثة لمعرفة المكروه صيغة النهي التي هي قولنا لا تفعل أو ما جرى مجراها إذا وجدت معها قرينة تصرفها من التحريم إلى الكراهة . لأن صيغة لا تفعل إذا وردت مجردة لا تفيد الكراهة ، كما سيأتي إن شاء الله عندما نبحث في المحرم .. والأصل في قولنا لا تفعل الأصل فيها التحريم ولكن إذا وجد معها قرينة تصرفها فإنها تنصرف وتكون دالة على الكراهة . مثل قوله تعالى: ( يا أيها الذين أمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) فقوله ( لاتسألوا (هنا قال العلماء : إنه للكراهة وليس للتحريم ولو أخذناه على ظاهره هكذا لكان دالا على التحريم وليس على الإباحة ولكنه صرف عن النهي إلى الكراهة بسبب القرينة الصارفة، وهذه القرينة الصارفة وردت في آخر الآية لقوله تعالى ) : وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور رحيم ) .. فكأنه صار هنا في المقال نوع من التخيير لا تسألوا وإن تسألوا سيظهر لكم حكمها . فلو كان هنا النهي نهيا جازما بتحريم لما ورد بعد ذلك احتمال تعريف السؤال عنها فنقول النهي للكراهة وليس للتحريم.
أيضا من الصيغ و الأساليب الدالة على الكراهة التصريح من الصحابة أو النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن صيغة النهي غير جازمة . يعني : ورد نهي ولكنه نهي غير جازم كما ورد في قول أم سلمة رضي الله عنها: ( نهينا عن اتـِّباع الجنائز ولم يعزم علينا ) ..
إطــلاقــات الـمـكــــروه :
عندما تأتي في أحكام الشرع واستعمالات الشرع في القرآن والسنة أو في استعمالات السلف لفظ المكروه نجد أنها تختلف هذه الاستعمالات عن الذي نبحثه هنا في أصول الفقه وقد تكون على معان أخرى قد تكون أوسع أو ربما تكون أضيق ، فمثلا من إطلاقات لفظ المكروه:
أنه يطلق لفظ المكروه ويراد به الحرام أو كما يعبر عنه بالمحظور .
رُوِي هذا الإطلاق عن الإمام مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله .
وهذا غالب في عبارات السلف ، ولماذا كان غالب في عبارات السلف ؟
لأنهم كانوا يتورَّعون ويتحـرَّزون أن يقعوا في طائلة النهي في قوله تعالى (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم هذا حلال وهذا حرام) وأيضا قوله تعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم) وخشية منهم أن يقولوا على الله بشي بناء على عدم العلم أو بناء على التردد أو بناء على وجود احتمال عندهم على الحكم فإنهم يقولون بأن هذا مكروه ويقصدون بذلك الحرام ... وابن القيم رحمه الله في كتابه أعلام الموقعين بيَّنَ هذا وقال :
أن هذا كان من أسباب خطأ كثير من المتأخرين من أتباع الأئمة حيث تورع الأئمة عن إطلاق لفظ التحريم وأطلقوا لفظ الكراهة . فأتى المتأخرون من أتباع المذهب ونفوا التحريم وقالوا الإمام لا يقول بتحريم . فنفوا التحريم الذي أطلقوا عليه الأئمة الكراهة ، بينما كان مراد الأئمة حقيقة في التحريم وليس الكراهة ، فمثلا الإمام أحمد نـُقـِـلَ عنه أنه يقول : أكره المتعة والصلاة في المقابر وهما في الحقيقة يحرمان ، وعبر بلفظ أكره يعني من باب التورع في الفتوى . ونقل عن الإمام الشافعي أنه قال : أكره اشتراط الأعجف والأعجف هو الضعيف . قال أكره اشتراط الأعجف والمشوي والمطبوخ لأن الأعجف يعيب واشتراط العيب مفسد فأطلق هذه العبارة ويقصد بها التحريم وليس الكراهة ...
ثم ذكر - حفظه الله - إطلاقات أخرى للمكروه .. ولكن أكتفي بهذا القدر من النقل .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
..********************************************
المحرم يطلق عليه العلماء عدة تسميات وعدة إطلاقات :
فالمحرم يسمى المحظور ويسمى الممنوع ويسمى المزجور عنه ويسمى المعصية ويسمى الذنب والقبيح والسيئة والفاحشة والإثم والعقوبة ونحو ذلك من الألفاظ التي يذكرها العلماء في مظانها ويقصدون بها المحرم ...
إلى أن قال :
صـيـغ الحـرام وأسـالـيـبـه :
يعني إذا أردنا أن نعرف محرما ً من المحرمات فكيف نصل إلى معرفة هذا المحرم ؟
الحقيقة أن المحرم له صيغ وأساليب مختلفة يمكن من خلالها معرفة هذا المحرم منها :
الصيغة الأولى : صيغة النهي إذا جاءت مطلقة عما يصرفها عن حقيقتها إلى معان أخرى فالأصل في النهي أنه للتحريم كما في قوله تعالى ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) وقوله تعالى ( ولا تأكلوا الربا ) أو قوله ( يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا ً مضاعفة ).
وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - " لا يبع بعضكم على بيع بعض " فلو جاءت معها قرينة ٌ تصرفها فإنها تنصرف إلى الكراهة كما أشرنا في مسائل المكروه .
الصيغة الثانية : استعمال لفظة التحريم ومشتقاتها كما في قوله تعالى { حرمت عليكم الميتة } وقوله تعالى { وهو محرم عليكم إخراجهم } وقوله - صلى الله عليه وسلم - " إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات " .
الصيغة الثالثة : التصريح بعدم الجواز ونفي الحل . لو صرح الشرع بأن هذا الأمر غير جائز أو أنه ليس حلالا فإنه يكون محرما مثل قوله تعالى ( ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا ) وقوله : " لا يحل دم امرئ مسلم ٍ إلا بإحدى ثلاث " .
الصيغة الرابعة : ترتيب العقوبة على الفعل من الله تعالى أو من النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يذكر فعل ٌ ما ؛ ثم يذكر له عقوبة كقوله تعالى ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ) فالجلد هنا عقوبة على القذف فيكون القذف محرما ً وقوله تعالى ( فالسارق والسارقة ُ فاقطعوا أيديهما ) فالسرقة ُ هنا محرمة لأنه رتب عليها عقوبة وهي القطع وقوله - صلى الله عليه وسلم - " ومن ظلم من الأرض قيد شبر طوقه من سبع أرضين " فهذا أيضاً دليل على أن الظلم هو محرم بدلالة أنه رتب عليه عقوبة ٌ وجزاء ٌ يوم القيامة .
الصيغة الخامسة : صيغة الأمر التي تدل على طلب الترك والمنع من الفعل مثل لفظ الاجتناب أو لفظ اتركوا أو الكف أو نحو ذلك فيعتبرها بعض العلماء من النواهي والصيغ التي تدل على التحريم كقوله تعالى : ( واجتنبوا قول الزور ) وقوله تعالى : ( وذروا ما بقي من الربا ( فقوله ( اجتنبوا ) فهذه صيغة أمر لكنها تدل على وجوب الترك , و( ذروا ) أيضاً هي صيغة أمر وهي تدل على وجوب الترك ووجوب الترك معنى هذا أن هذا الأمر محرم . ...
ثم نأتي إلى صيغ المكروه ؛ فقال - حفظه الله - عند هذا المبحث :
صيغ المكروه وأساليبه الدالة عليه :
هناك عدة صيغ وأساليب تدل على المكروه في الشرع بحيث أنه من خلال هذه الصيغ نعرف المكروه .
منها مثل لفظة ( كـره ) وما يشتق منها مثل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال ) ..
والصيغة الثانية لمعرفة المكروه لفظة ( بغض ) وما يشتق منها . ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ( أبغض الحلال إلى الله الطلاق ) فلفظ أبغض تدل على البغض . والبغض هنا تدل على أن ترك الشيء خير من فعله.
الصيغة الثالثة لمعرفة المكروه صيغة النهي التي هي قولنا لا تفعل أو ما جرى مجراها إذا وجدت معها قرينة تصرفها من التحريم إلى الكراهة . لأن صيغة لا تفعل إذا وردت مجردة لا تفيد الكراهة ، كما سيأتي إن شاء الله عندما نبحث في المحرم .. والأصل في قولنا لا تفعل الأصل فيها التحريم ولكن إذا وجد معها قرينة تصرفها فإنها تنصرف وتكون دالة على الكراهة . مثل قوله تعالى: ( يا أيها الذين أمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) فقوله ( لاتسألوا (هنا قال العلماء : إنه للكراهة وليس للتحريم ولو أخذناه على ظاهره هكذا لكان دالا على التحريم وليس على الإباحة ولكنه صرف عن النهي إلى الكراهة بسبب القرينة الصارفة، وهذه القرينة الصارفة وردت في آخر الآية لقوله تعالى ) : وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور رحيم ) .. فكأنه صار هنا في المقال نوع من التخيير لا تسألوا وإن تسألوا سيظهر لكم حكمها . فلو كان هنا النهي نهيا جازما بتحريم لما ورد بعد ذلك احتمال تعريف السؤال عنها فنقول النهي للكراهة وليس للتحريم.
أيضا من الصيغ و الأساليب الدالة على الكراهة التصريح من الصحابة أو النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن صيغة النهي غير جازمة . يعني : ورد نهي ولكنه نهي غير جازم كما ورد في قول أم سلمة رضي الله عنها: ( نهينا عن اتـِّباع الجنائز ولم يعزم علينا ) ..
إطــلاقــات الـمـكــــروه :
عندما تأتي في أحكام الشرع واستعمالات الشرع في القرآن والسنة أو في استعمالات السلف لفظ المكروه نجد أنها تختلف هذه الاستعمالات عن الذي نبحثه هنا في أصول الفقه وقد تكون على معان أخرى قد تكون أوسع أو ربما تكون أضيق ، فمثلا من إطلاقات لفظ المكروه:
أنه يطلق لفظ المكروه ويراد به الحرام أو كما يعبر عنه بالمحظور .
رُوِي هذا الإطلاق عن الإمام مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله .
وهذا غالب في عبارات السلف ، ولماذا كان غالب في عبارات السلف ؟
لأنهم كانوا يتورَّعون ويتحـرَّزون أن يقعوا في طائلة النهي في قوله تعالى (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم هذا حلال وهذا حرام) وأيضا قوله تعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم) وخشية منهم أن يقولوا على الله بشي بناء على عدم العلم أو بناء على التردد أو بناء على وجود احتمال عندهم على الحكم فإنهم يقولون بأن هذا مكروه ويقصدون بذلك الحرام ... وابن القيم رحمه الله في كتابه أعلام الموقعين بيَّنَ هذا وقال :
أن هذا كان من أسباب خطأ كثير من المتأخرين من أتباع الأئمة حيث تورع الأئمة عن إطلاق لفظ التحريم وأطلقوا لفظ الكراهة . فأتى المتأخرون من أتباع المذهب ونفوا التحريم وقالوا الإمام لا يقول بتحريم . فنفوا التحريم الذي أطلقوا عليه الأئمة الكراهة ، بينما كان مراد الأئمة حقيقة في التحريم وليس الكراهة ، فمثلا الإمام أحمد نـُقـِـلَ عنه أنه يقول : أكره المتعة والصلاة في المقابر وهما في الحقيقة يحرمان ، وعبر بلفظ أكره يعني من باب التورع في الفتوى . ونقل عن الإمام الشافعي أنه قال : أكره اشتراط الأعجف والأعجف هو الضعيف . قال أكره اشتراط الأعجف والمشوي والمطبوخ لأن الأعجف يعيب واشتراط العيب مفسد فأطلق هذه العبارة ويقصد بها التحريم وليس الكراهة ...
ثم ذكر - حفظه الله - إطلاقات أخرى للمكروه .. ولكن أكتفي بهذا القدر من النقل .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
..********************************************
فأصل إشكال السائل هو قوله: (العلماء يقولون: الحرام ما عليه وعيد شديد)، وهذا الحصر، ثم تقييد الوعيد بالشدة، لا نعلم به قائلا من أهل العلم! وتصحيح هذه العبارة يكون بالتنبيه على أن الوعيد مما يستفاد منه الحكم بالحرمة، ولكن لا يشترط في الوعيد الشدة، ولا ينحصر التحريم فيه، بل يستفاد من ألفاظ وصيغ كثيرة اختصرها ابن القيم في (بدائع الفوائد) فقال: يستفاد التحريم من النهي، والتصريح بالتحريم، والحظر، والوعيد على الفعل، وذم الفاعل، وإيجاب الكفارة بالفعل، وقوله: "لا ينبغي" فإنها في لغة القرآن والرسول للمنع عقلا أو شرعا، ولفظة: "ما كان لهم كذا، ولم يكن لهم" وترتيب الحد على الفعل، ولفظة: "لا يحل، ولا يصلح" ووصف الفعل بأنه فساد، وأنه من تزيين الشيطان وعمله، وإن الله لا يحبه، وأنه لا يرضاه لعباده، ولا يزكي فاعله ولا يكلمه ولا ينظر إليه، ونحو ذلك. اهـ.
وقال الشيخ عبد الله الجديع في كتابه (تيسير علم أصول الفقه): يستفاد التحريم من صيغ كثيرة مستعملة للدلالة عليه في نصوص الشرع، ومنها:
1ـ لفظ (التحريم) الصريح، كقوله تعالى: {وأحل الله البيع وحرم الربا} [البقرة: 275]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (كل المسلم على المسلم حرام دمه، وماله، وعرضه) [رواه مسلم].
2ـ نفي الحل، كقوله تعالى: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره} [البقرة: 230]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال) [متفق عليه].
3ـ صيغة النهي، وهي أنوع تعود جملتها إلى:
[1] لفظ (النهي) الصريح، كقوله تعالى: {وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي} [النحل: 90] وقوله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه وقد وهبه خادما: (لا تضربه، فإني نهيت عن ضرب أهل الصلاة، وإني رأيته يصلي منذ أقبلنا) [رواه البخاري في الأدب المفرد 163 بسند حسن]. ويلحق بهذا قول الصحابي: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كذا).
[2] صيغة (زجر)، كحديث أبي الزبير قال: سألت جابرا (يعني ابن عبد الله) عن ثمن الكلب والسنور؟ قال: زجر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك. [أخرجه مسلم].
[3] صيغة الأمر بالانتهاء، كقوله تعالى للنصارى: {ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم} [النساء: 171]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا، من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه، فليستعذ بالله ولينته) [متفق عليه].
[4] صيغة الفعل المضارع المقترن بـ (لا) الناهية، كقوله تعالى: {ولا تقربوا الزنا} [الإسراء: 32]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يبع بعضكم على بيع بعض) [متفق عليه].
[5] صيغة (لا ينبغي)، كقوله صلى الله عليه وسلم في الحرير: ((لا ينبغي هذا للمتقين)) [متفق عليه].
[6] صيغة الأمر بالترك بغير صيغة النهي الصريحة، كقوله تعالى: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه} [المائدة: 90]، وقوله تعالى: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض} [البقرة: 222]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا السبع الموبقات) قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: (الشرك بالله، والسحر، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات)) [متفق عليه]...
4ـ ما رتب على فعله عقوبة أو وعيد دنيوي أو أخروي فهو دليل على تحريمه، فمن صوره:
[1] عقوبة الحدود، كقوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} [المائدة: 38]، وقوله: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة} [النور: 2].
[2] التهديد بالعقاب، كقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين. فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله} [البقرة: 278ـ 279]... وقوله صلى الله عليه وسلم: (لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين) [رواه مسلم]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة) [متفق عليه]، فهذه فضيحة يوم العرض.
[3] ترتيب اللعنة على الفعل، وهي نوع من العقوبة، وفيه نصوص كثيرة في الكتاب والسنة.
5 ـ وصف الفعل بأنه من الذنوب، ومنه وصفه بأنه كبيرة، كقوله صلى الله عليه وسلم: (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة مثل البغي، وقطيعة الرحم) [حديث صحيح رواه أبوداود وغيره]، وعن أنس رضي الله عنه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكبائر؟ قال: (الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وشهادة الزور) [متفق عليه].
6ـ وصف الفعل بالعدوان، أو الظلم، أو الإساءة، أو الفسق، أو نحو ذلك، كحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الوضوء، فأراه الوضوء ثلاثا ثلاثا، ثم قال: (هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم) [حديث حسن، أخرجه النسائي وغيره] ، وقوله تعالى: {وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم} [البقرة: 282].
7ـ تشبيه الفاعل بالبهائم أو الشياطين أو الكفرة أو الخاسرين أو نحوهم، كقوله صلى الله عليه وسلم: (ليس لنا مثل السوء، الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه) [متفق عليه]، وقوله تعالى: {إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين} [الإسراء: 27]، وقوله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} [المائدة: 51]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة) [متفق عليه].
8ـ تسمية الفعل باسم شيء آخر محرم معلوم الحرمة، كوصف الفعل بأنه زنا أو سرقة أو شرك، أو غير ذلك، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق) الحديث [متفق عليه] وقوله صلى الله عليه وسلم: (أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته) قالوا: يا رسول الله، وكيف يسرق صلاته؟ قال: (لا يتم ركوعها ولا سجودها)) [حديث صحيح، رواه الدارمي وأحمد وغيرهما] ، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((من حلف بغير الله فقد أشرك)) [حديث صحيح رواه أبوداود والترمذي وغيرهما]. اهـ.
وأما ما ذكره السائل من ورع الأئمة عن التصريح بلفظ التحريم: فمعروف ومحمود، ولكنه في المقابل لا يعني: الإباحة، واللائق في مثل هذا الموضع أن ينزل كلامهم على ما عرف من اصطلاحهم هم، لا اصطلاحنا نحن! فمن الأخطاء الشنيعة أن يستدل بورعهم في إطلاق لفظ التحريم، على تجويزهم لما ذموه وعابوه ونهوا عنه وحذروا منه، وقد ذكر ابن القيم في (إعلام الموقعين) أمثلة كثيرة للمحرمات التي أطلق عليها الأئمة ـ كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ـ لفظ الكراهة، ثم قال: فالسلف كانوا يستعملون الكراهة في معناها الذي استعملت فيه، في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، أما المتأخرون فقد اصطلحوا على الكراهة تخصيصا بما ليس بمحرم وتركه أرجح من فعله، ثم حمل من حمل منهم كلام الأئمة على الاصطلاح الحادث فغلط في ذلك، وأقبح غلطا منه من حمل لفظ الكراهة أو لفظ "لا ينبغي" في كلام الله ورسوله على المعنى الاصطلاحي الحادث، وقد اطرد في كلام الله ورسوله استعمال "لا ينبغي" في المحظور شرعا وقدرا وفي المستحيل الممتنع، كقوله تعالى: {وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا} [مريم: 92]... اهـ.
*******************************
صيـــــغ الحرام وأساليبـه ؟
ج------ فيما يتعلق بالمسألة الأخيرة التي نختم فيها الكلام عن هذه المسألة وهي في صيغ المحرم وأساليبه يعني إذا أردنا أن نعرفمحرما ً من المحرمات فكيف نصل إلى معرفة هذا المحرم ؟
الحقيقة أن المحرم له صيغ وأساليب مختلفة يمكن من خلالها معرفة هذا المحرم منها :
õ الصيغة الأولى: صيغة النهي إذا جاءت مطلقة عما يصرفها عن حقيقتها إلى معان أخرى فالأصل في النهي أنه للتحريم كما في قوله تعالى+ولا تقف ما ليس لك به علم" وقوله تعالى"ولا تأكلوا الربا" أو قوله "يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا ً مضاعفة".
وقول الرسول عليه الصلاة والسلام " لا يبع بعضكم على بيع بعض " فلو جاءت معها قرينة ٌ تصرفها فإنها تنصرف إلى الكراهة كما أشرنا في مسائل المكروه .
õالصيغة الثانية : استعمال لفظة التحريم ومشتقاتها كما في قوله تعالى " حرمت عليكم الميتة " وقوله تعالى "وهو محرم عليكم إخراجهم " وقوله × " إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات" فهذه ألفاظ تدل على التحريم õالصيغة الثالثة : التصريح بعدم الجواز ونفي الحل لو صرح الشرعبأن هذا الأمر غير جائز أو أنه ليس حلالا فإنه يكون محرما مثل قوله تعالى +ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا" عليه الصلاة والسلام: " لا يحل دم امرئ مسلم ٍ إلا بإحدى ثلاث " .
õالصيغة الرابعة : ترتيب العقوبة على الفعل من الله تعالى أو من النبي × بأن يذكر فعل ٌ ما ثم يذكر له عقوبة كقوله تعالى +والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة" فالجلد هنا عقوبة على القذف فيكون القذف محرما ً وقوله تعالى +فالسارق والسارقة ُ فاقطعوا أيديهما" فالسرقة ُ هنا محرمه لأنه رتب عليها عقوبة وهي القطع وقوله عليه الصلاة والسلام "ومن ظلم من الأرض قيد شبر طوقه من سبع أرضين " فهذا أيضاً دليل على أنالظلم هو محرم بدلالة أنه رتب عليه عقوبة ٌ وجزاء ٌ يوم القيامة .
õالصيغة الخامسة : صيغة الأمر التي تدل على طلب الترك والمنع من الفعل مثل لفظ الاجتناب أو لفظ اتركوا أو الكف أو نحو ذلكفيعتبرها بعض العلماء من النواهي والصيغ التي تدل على التحريم كقوله تعالى: "واجتنبوا قول الزور" وقوله تعالى: "وذروا ما بقي من الربا" فقوله اجتنبوا فهذه صيغة أمر لكنها تدل على وجوب الترك وذروا أيضاً هي صيغة أمر وهي تدل على وجوب الترك ووجوب الترك معنى هذا أن هذا الأمر محرم .
************
الصيغ الدالة على المكروه
صيغ المكروه وأساليبه الدالة عليه ؟
هناك عدة صيغ وأساليب تدل على المكروه في الشرع بحيث أنه من خلال هذه الصيغ نعرف المكروه .
منها مثل لفظة (كره) وما يشتق منها مثل قول النبي عليه الصلاة والسلام (إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال ) .
فيحمل عليه الكراهة
... والصيغة الثانية لمعرفة المكروه لفظة (بغض) وما يشتق منها . ومنه قول النبي عليه الصلاة والسلام ( أبغض الحلال إلى الله الطلاق) فلفظ أبغض تدل على البغض . والبغض هنا تدل على أن ترك الشيء خير من فعله...
الصيغة الثالثة لمعرفة المكروه صيغة النهي التي هي قولنا لا تفعل أو ما جرى مجراها إذا وجدت معها قرينة تصرفها من التحريم إلى الكراهة . لأن صيغة لا تفعل إذا وردت مجردة لا تفيد الكراهة ، كما سيأتي إن شاء الله عندما نبحث في المحرم ، لكن إذا وردة هذه الصيغة مقترنة بقرينة تصرفها من التحريم إلى الكراهة فإنها تنصرف . والأصل في قولنا لا تفعل الأصل فيها التحريم ولكن إذا وجد معها قرينة تصرفها فإنها تنصرف وتكون دالة على الكراهة . مثل قولهتعالى: "يا أيها الذين أمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم "فقوله لاتسألوا هنا قال العلماء: إنه للكراهة وليس للتحريم ولو أخذناه على ظاهره هكذا لكان دالا على التحريم وليس على الإباحة ولكنه صرف عن النهي إلى الكراهة بسبب القرينة الصارفة، وهذه القرينة صارفه وردة في آخر الآية لقوله تعالى"وإن تسألوا عنها حين ينزلالقرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور رحيم" فقوله عليه الصلاة والسلام لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم" في ظاهره التحريم ولكن ورد بعد ذلك" وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم". فكأنه صار هنا في المقال نوع من التخيير لا تسألوا وإن تسألوا سيظهر لكم حكمها . فلو كان هنا النهي نهيا جازما بتحريم لما ورد بعد ذلك احتمال تعريف السؤال عنها فنقول النهي للكراهة وليس للتحريم .
أيضا من الصيغ و الأساليب الدالة على الكراهة التصريح من الصحابة أو النبي × بأن صيغة النهي غير جازمة ورد نهي ولكن نهي غير جازم كما ورد في قول أم سلمه رضي الله عنها: (نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا) فلو قالت نهينا عن اتباع الجنائز وسكتت لكان هذا اللفظ دال على التحريم . لكنها جاءت بصيغة النهي وبينت أنها غير جازمة فقالت ولم يعزم علينا . يعني لم يشدد علينا ولم يحزم لترك هذا الأمر فنقول أنه مكروه للنساء اتباع الجنائز.
****************
صيغ المكروه وأساليبه الدالة عليه
===================
هناك عدة صيغ وأساليب تدل على المكروه في الشرع بحيث أنه من خلال هذه الصيغ نعرف المكروه
منها مثل لفظة ( كـره ) وما يشتق منها مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال )
والصيغة الثانية لمعرفة المكروه لفظة ( بغض ) وما يشتق منها ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم ( أبغض الحلال إلى الله الطلاق ) فلفظ أبغض تدل على البغض والبغض هنا تدل على أن ترك الشيء خير من فعله
الصيغة الثالثة لمعرفة المكروه صيغة النهي التي هي قولنا لا تفعل أو ما جرى مجراها إذا وجدت معها قرينة تصرفها من التحريم إلى الكراهة لأن صيغة لا تفعل إذا وردت مجردة لا تفيد الكراهة والأصل في قول لا تفعل الأصل فيها التحريم ولكن إذا وجد معها قرينة تصرفها فإنها تنصرف وتكون دالة على الكراهة مثل قوله تعالى ( يا أيها الذين أمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) فقوله لاتسألوا هنا قال العلماء : إنه للكراهة وليس للتحريم ولو أخذناه على ظاهره هكذا لكان دالا على التحريم وليس على الإباحة ولكنه صرف عن النهي إلى الكراهة بسبب القرينة الصارفة وهذه القرينة الصارفة وردت في آخر الآية لقوله تعالى (وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور رحيم ) فكأنه صار هنا في المقال نوع من التخيير لا تسألوا وإن تسألوا سيظهر لكم حكمها فلو كان هنا النهي نهيا جازما بتحريم لما ورد بعد ذلك احتمال تعريف السؤال عنها فنقول النهي للكراهة وليس للتحريم
ومن الصيغ و الأساليب الدالة على الكراهة التصريح من الصحابة أو النبي صلى الله عليه وسلم بأن صيغة النهي غير جازمة يعني ورد
نهي ولكنه نهي غير جازم كما ورد في قول أم سلمة رضي الله عنها ( نهينا عن اتـِّباع الجنائز ولم يعزم علينا )
õ الصيغة الأولى: صيغة النهي إذا جاءت مطلقة عما يصرفها عن حقيقتها إلى معان أخرى فالأصل في النهي أنه للتحريم كما في قوله تعالى+ولا تقف ما ليس لك به علم" وقوله تعالى"ولا تأكلوا الربا" أو قوله "يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا ً مضاعفة".
õالصيغة الثانية : استعمال لفظة التحريم ومشتقاتها كما في قوله تعالى " حرمت عليكم الميتة " وقوله تعالى "وهو محرم عليكم إخراجهم " وقوله × " إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات" فهذه ألفاظ تدل على التحريم õالصيغة الثالثة : التصريح بعدم الجواز ونفي الحل لو صرح الشرعبأن هذا الأمر غير جائز أو أنه ليس حلالا فإنه يكون محرما مثل قوله تعالى +ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا" عليه الصلاة والسلام: " لا يحل دم امرئ مسلم ٍ إلا بإحدى ثلاث " .
õالصيغة الرابعة : ترتيب العقوبة على الفعل من الله تعالى أو من النبي × بأن يذكر فعل ٌ ما ثم يذكر له عقوبة كقوله تعالى +والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة" فالجلد هنا عقوبة على القذف فيكون القذف محرما ً وقوله تعالى +فالسارق والسارقة ُ فاقطعوا أيديهما" فالسرقة ُ هنا محرمه لأنه رتب عليها عقوبة وهي القطع وقوله عليه الصلاة والسلام "ومن ظلم من الأرض قيد شبر طوقه من سبع أرضين " فهذا أيضاً دليل على أنالظلم هو محرم بدلالة أنه رتب عليه عقوبة ٌ وجزاء ٌ يوم القيامة .
صيغ المكروه وأساليبه الدالة عليه
===================
هناك عدة صيغ وأساليب تدل على المكروه في الشرع بحيث أنه من خلال هذه الصيغ نعرف المكروه
منها مثل لفظة ( كـره ) وما يشتق منها مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال )
والصيغة الثانية لمعرفة المكروه لفظة ( بغض ) وما يشتق منها ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم ( أبغض الحلال إلى الله الطلاق ) فلفظ أبغض تدل على البغض والبغض هنا تدل على أن ترك الشيء خير من فعله
الصيغة الثالثة لمعرفة المكروه صيغة النهي التي هي قولنا لا تفعل أو ما جرى مجراها إذا وجدت معها قرينة تصرفها من التحريم إلى الكراهة لأن صيغة لا تفعل إذا وردت مجردة لا تفيد الكراهة والأصل في قول لا تفعل الأصل فيها التحريم ولكن إذا وجد معها قرينة تصرفها فإنها تنصرف وتكون دالة على الكراهة مثل قوله تعالى ( يا أيها الذين أمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) فقوله لاتسألوا هنا قال العلماء : إنه للكراهة وليس للتحريم ولو أخذناه على ظاهره هكذا لكان دالا على التحريم وليس على الإباحة ولكنه صرف عن النهي إلى الكراهة بسبب القرينة الصارفة وهذه القرينة الصارفة وردت في آخر الآية لقوله تعالى (وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور رحيم ) فكأنه صار هنا في المقال نوع من التخيير لا تسألوا وإن تسألوا سيظهر لكم حكمها فلو كان هنا النهي نهيا جازما بتحريم لما ورد بعد ذلك احتمال تعريف السؤال عنها فنقول النهي للكراهة وليس للتحريم
ومن الصيغ و الأساليب الدالة على الكراهة التصريح من الصحابة أو النبي صلى الله عليه وسلم بأن صيغة النهي غير جازمة يعني ورد
نهي ولكنه نهي غير جازم كما ورد في قول أم سلمة رضي الله عنها ( نهينا عن اتـِّباع الجنائز ولم يعزم علينا )
********************
صيغ اساليب المباح
صيغ المباح وأساليبه وكيفية معرفته :
فهناك صيغ وأساليب للمباح تساعد على كيفية معرفة أن هذا الحكم مباح يستعين بها الفقيه على معرفة الحكم، وننبه هنا إلى أن الشارع لم يستعمل لفظ المباح لا في القرآن ولا في السنة إنما استعمل ألفاظ أخرى تدل على معنى المباح فهناك صيغ وأساليب تدل على حكم الإباحة منها:
س---- تكلم عن الصيغة الأولى؟
ج----- أولا : استعمال لفظ الحلال
وما اشتق منه فإذا سمعنا كلمة حلال أو أُحل أو يحل أو أحللنا أو نحو ذلك فنفهم منها الإباحة أو أن هذا فعل مباح بمعني انه يجوز فعله ويجوز تركه على السواء في هذا المقام مثل قوله تعالى: أحل لكم ليلة الصيام الرفث على نسائكم" وقوله أيضاً (وأحل لكم ما وراء ذلكم " فلفظ أحل هنا مقصود به الحلال يعني المباح.
س---- تكلم عن الصيغة الثانية؟
ج----- الصيغة الثانية: لفظ لا جناح فإذا ورد في الشرع نعلم أنه هذا الحكم مباح من ذلك قوله تعالى (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) وقوله (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) فهذا كلها تدل على أن المراد بذلك الإباحة وان هذه الأحكام مباحة.
س---- تكلم عن الصيغة الثالثة؟
ج---- الصيغة الثالثة: لفظ لا حرج فإنه يدل على أن هذا الحكم مباح قوله تعالى (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج" وقول الرسول عليه الصلاة والسلام في أفعال الحج ( افعل ولا حرج) إلا أن هذه الصيغة الثالثة لا تؤخذ على الإباحة على الإطلاق ولذلك يقول الإمام الشاطبي فإذا قال الشارع في أمر واقع لا حرج فيه فلا يؤخذ منه حكم الإباحة إذ قد يكون كذلك وقد يكون مكروها ، فإن المكروه بعد الوقوع لا حرج فيه فليتفقد هذا في الأدلة فالمقصود في هذا أنه ينبغي عند سماع لا حرج في ألفاظ الشرع فإننا يجب نتنبه إلى أن هذا الحكم مباح أو أنه مطلق على أمر واقع مكروه ووقع وأطلق الشرع على انه لا حرج فيه فينبغي أن نعود إلى حكمه الأصلي وهو أن حكمه مكروه .
س---- تكلم عن الصيغة الرابعة؟
ج----- الصيغة الرابعة: صيغة الأمر التي جاءت معها قرينة تدل على أن هذا الحكم للإباحة تصرِفُه عن الوجوب والندب إلى الإباحة،لأن صيغ المباحات ترد بألفاظ أوامر وهذا الأوامر يحتمل أن تكون للوجوب ويحتمل أن تكون للندب فإذا وردت معها صيغ تصرفها عن الوجوب و الندب إلى الإباحة فإنها تحمل على ذلك فمن ذلك قول الله تعالى (فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر" فإن القرينة هنا دلت على أن الأمر للإباحة لقوله "فالآن باشروهن" وقوله "وكلوا واشربوا" في ليالي رمضان فهنا الأمر للإباحة ليس للوجوب ولا للندب والدليل على هذا أن هناك قرينة يذكرها العلماء يقولون أن الأمر إذا ورد بعد الحضر يكون للإباحة فنحن نعلم أنه في أول التشريع كان قضية مباشرة النساء والأكل والشرب فمن نام بعد صلاة المغرب فإنه لا يسوغ له الأكل والشرب في ليلة الصيام فشق ذلك على المسلمين فأباح الله لهم الأكل والشرب ومباشرة نساءهم في ليالي رمضان فورد أمر بعد تحريم فيكون للإباحة .
س---- تكلم عن الصيغة الخامسة؟
ج---- الصيغة الخامسة: وهي نفي الإثم والمؤاخذة، فإذا نفي الله تعالى الإثم عن أمر أو نفى المؤاخذة عليه كما في شأن المحرمات من المأكولات والمطعومات +فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه" فقوله "فلا إثم علي" دليل على إباحة الأكل في حال الضرورة.
امثلة من انواع الحكم الشرعي ومرتبته والصيغ الدالة عليه
لصيغ الدالة على الأمر التي تقتضي الوجوب
ولما بين جل وعلا أنه أنزل هذا الكتاب العظيم على هذا النبي الكريم، وأنه أنزله عليه لينذر به ويذكر، وأنه يجب على أمته أن تأتسى به في الإنذار بالقرآن والتذكير به. أمر من ذكروا وأنذروا -أمرهم بما ينبغي أن يفعلوا حول ذلك الإنذار والتذكير الذي بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ؛ هذا الأمر للوجوب بإجماع العلماء.
وصيغة افعل وإن اختلف فيها علماء الأصول هل هي تقتضي الوجوب؟ أو تقتضي الندب؟ أو تقتضي مطلق الطلب الصادق بالندب والوجوب؟ أو إن كانت في القرآن اقتضت الوجوب؟ وإن كانت في السنة اقتضت الندب؟
هذه الأقوال -وإن ذكرها علماء الأصول-؛ فالصحيح المعروف الذي دل عليه الشرع الكريم واللغة التي نزل بها القرآن أن صيغة افعل إذا جاءت في كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم كانت مقتضية لوجوب الامتثال، إلا أن يدل دليل آخر خارج عن ذلك الوجوب.
ويكون ذلك الدليل يجب الرجوع إليه، والأدلة على هذا كثيرة منها أن الله لما قال للملائكة: اسْجُدُوا لِآدَمَ كانت لفظة اسْجُدُوا صيغة أمر، وهي لفظة افعل، ومعروف أن المقرر في المعاني وفي أصول الفقه أن الصيغ الدالة على الأمر التي تقتضي الوجوب -أنها أربع صيغ لا خامسة لها.
الأولى منها: فعل الأمر الصريح نحو: أَقِمِ الصَّلَاةَ وقوله هنا: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ والثاني: اسم فعل الأمر نحو عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ .
والثالث: الفعل المضارع المجزوم بلام الأمر نحو: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ .
والرابعة هي المعروفة عند النحويين بالمصدر النائب عن فعله نحو قوله: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ ؛ يعني فاضربوا رقابهم، وكقول هند بنت عتبة يوم أحد لما انهزم المشركون هزيمتهم الأولى، وقتل حملة اللواء من بني عبد الدار، وبقي لواء قريش طريحا حتى رفعته عمرة بنت علقمة الحارثية التي يقول فيها حسان
عند ذلك قالت هند بنت عتبة بنت ربيعة العبشمية
صـــبرا بنــي عبـــد الـــدار
صـــبرا حـمــــاة الأدبــــار
ضـربـــــا بـكـــل بـتـــار
فكل هذه المصادر مصادر نابت عن أفعالها؛ ففيها معنى الأمر؛ تعني اصبروا يا بني عبد الدار، واضربوا بكل بتار، هذه هي صيغ الأمر. وقد دل القرآن والسنة ولغة العرب على أن صيغة افعل تقتضي الوجوب.
ومن الدليل على ذلك أن الله لما قال للملائكة: اسْجُدُوا لِآدَمَ كانت اسْجُدُوا صيغة افعل فلما امتنع إبليس وبخه وحكم عليه بالعصيان وقال: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ؛ موبخا له؛ فدل على أن عدم امتثال صيغة الأمر أنه معصية.
ويؤيد ذلك أن نبي الله موسى قال لأخيه هارون لما أراد السفر إلى الميقات -قال لأخيه: هارون اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وهذه صيغة أمر؛ فلما ظن أنه لم يتبعها قال: أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي وصرح بأن مخالفة صيغة افعل معصية .
ومن الأدلة على ذلك أن الله يقول: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وقد قال جل وعلا: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ وفي القراءة الأخرى أن يكون لهم الخيرة من أنفسهم.
ومن قضائه للأمر هو أن يقول: افعل كذا. فدلت آية الأحزاب هذه على أن أمره تعالى قاطع للاختيار موجب للامتثال والأدلة في هذا كثيرة. ووجه دلالة اللغة العربية على أن صيغة افعل تقتضي الوجوب: أن السيد المالك لعبد لو قال لعبده: اسقني ماءً فامتنع العبد ولم يسق سيده فأدبه وضربه.
أما عامة أهل اللسان يقولون: إن هذا العقاب واقع موقعه، فلو قال العبد للسيد: أنت ظلمتني بعقابي هذا؛ لأن قولك: اسقني صيغة افعل، وهذه لا توجب ولا تجزم شيئا، لقال له أهل اللسان العربي: كذبت يا عبد بل الصيغة ألزمتك، ولكنك امتنعت فلسيدك أن يعاقبك. هذا وجه دلالة اللغة العربية على ما ذكرنا.
وعلى كل حال فقوله: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ هذا الأمر واجب بإجماع العلماء؛ فيجب على كل مسلم أن يتبع ما أنزله الله في هذا القرآن الكريم على سيد الخلق صلى الله عليه وسلم.
***
امثلة اخرى للصيغ الدالة على الوجوب
فأصل إشكال السائل هو قوله: (العلماء يقولون: الحرام ما عليه وعيد شديد)، وهذا الحصر، ثم تقييد الوعيد بالشدة، لا نعلم به قائلا من أهل العلم! وتصحيح هذه العبارة يكون بالتنبيه على أن الوعيد مما يستفاد منه الحكم بالحرمة، ولكن لا يشترط في الوعيد الشدة، ولا ينحصر التحريم فيه، بل يستفاد من ألفاظ وصيغ كثيرة اختصرها ابن القيم في (بدائع الفوائد) فقال: يستفاد التحريم من النهي، والتصريح بالتحريم، والحظر، والوعيد على الفعل، وذم الفاعل، وإيجاب الكفارة بالفعل، وقوله: "لا ينبغي" فإنها في لغة القرآن والرسول للمنع عقلا أو شرعا، ولفظة: "ما كان لهم كذا، ولم يكن لهم" وترتيب الحد على الفعل، ولفظة: "لا يحل، ولا يصلح" ووصف الفعل بأنه فساد، وأنه من تزيين الشيطان وعمله، وإن الله لا يحبه، وأنه لا يرضاه لعباده، ولا يزكي فاعله ولا يكلمه ولا ينظر إليه، ونحو ذلك. اهـ.
4
لصيغ الدالة على الأمر التي تقتضي الوجوب
ولما بين جل وعلا أنه أنزل هذا الكتاب العظيم على هذا النبي الكريم، وأنه أنزله عليه لينذر به ويذكر، وأنه يجب على أمته أن تأتسى به في الإنذار بالقرآن والتذكير به. أمر من ذكروا وأنذروا -أمرهم بما ينبغي أن يفعلوا حول ذلك الإنذار والتذكير الذي بعث به رسوله صلى الله عليه وسلم؛ فقال: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ ؛ هذا الأمر للوجوب بإجماع العلماء.
وصيغة افعل وإن اختلف فيها علماء الأصول هل هي تقتضي الوجوب؟ أو تقتضي الندب؟ أو تقتضي مطلق الطلب الصادق بالندب والوجوب؟ أو إن كانت في القرآن اقتضت الوجوب؟ وإن كانت في السنة اقتضت الندب؟
هذه الأقوال -وإن ذكرها علماء الأصول-؛ فالصحيح المعروف الذي دل عليه الشرع الكريم واللغة التي نزل بها القرآن أن صيغة افعل إذا جاءت في كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم كانت مقتضية لوجوب الامتثال، إلا أن يدل دليل آخر خارج عن ذلك الوجوب.
ويكون ذلك الدليل يجب الرجوع إليه، والأدلة على هذا كثيرة منها أن الله لما قال للملائكة: اسْجُدُوا لِآدَمَ كانت لفظة اسْجُدُوا صيغة أمر، وهي لفظة افعل، ومعروف أن المقرر في المعاني وفي أصول الفقه أن الصيغ الدالة على الأمر التي تقتضي الوجوب -أنها أربع صيغ لا خامسة لها.
الأولى منها: فعل الأمر الصريح نحو: أَقِمِ الصَّلَاةَ وقوله هنا: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ والثاني: اسم فعل الأمر نحو عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ .
والثالث: الفعل المضارع المجزوم بلام الأمر نحو: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ .
والرابعة هي المعروفة عند النحويين بالمصدر النائب عن فعله نحو قوله: فَإِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ ؛ يعني فاضربوا رقابهم، وكقول هند بنت عتبة يوم أحد لما انهزم المشركون هزيمتهم الأولى، وقتل حملة اللواء من بني عبد الدار، وبقي لواء قريش طريحا حتى رفعته عمرة بنت علقمة الحارثية التي يقول فيها حسان
ولولا لواء الحارثيـة أصبحــوا | يباعون في الأسواق بيع الجلائـد |
صـــبرا بنــي عبـــد الـــدار
صـــبرا حـمــــاة الأدبــــار
ضـربـــــا بـكـــل بـتـــار
ومن الدليل على ذلك أن الله لما قال للملائكة: اسْجُدُوا لِآدَمَ كانت اسْجُدُوا صيغة افعل فلما امتنع إبليس وبخه وحكم عليه بالعصيان وقال: مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ ؛ موبخا له؛ فدل على أن عدم امتثال صيغة الأمر أنه معصية.
ويؤيد ذلك أن نبي الله موسى قال لأخيه هارون لما أراد السفر إلى الميقات -قال لأخيه: هارون اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وهذه صيغة أمر؛ فلما ظن أنه لم يتبعها قال: أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي وصرح بأن مخالفة صيغة افعل معصية .
ومن الأدلة على ذلك أن الله يقول: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وقد قال جل وعلا: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ وفي القراءة الأخرى أن يكون لهم الخيرة من أنفسهم.
ومن قضائه للأمر هو أن يقول: افعل كذا. فدلت آية الأحزاب هذه على أن أمره تعالى قاطع للاختيار موجب للامتثال والأدلة في هذا كثيرة. ووجه دلالة اللغة العربية على أن صيغة افعل تقتضي الوجوب: أن السيد المالك لعبد لو قال لعبده: اسقني ماءً فامتنع العبد ولم يسق سيده فأدبه وضربه.
أما عامة أهل اللسان يقولون: إن هذا العقاب واقع موقعه، فلو قال العبد للسيد: أنت ظلمتني بعقابي هذا؛ لأن قولك: اسقني صيغة افعل، وهذه لا توجب ولا تجزم شيئا، لقال له أهل اللسان العربي: كذبت يا عبد بل الصيغة ألزمتك، ولكنك امتنعت فلسيدك أن يعاقبك. هذا وجه دلالة اللغة العربية على ما ذكرنا.
وعلى كل حال فقوله: اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ هذا الأمر واجب بإجماع العلماء؛ فيجب على كل مسلم أن يتبع ما أنزله الله في هذا القرآن الكريم على سيد الخلق صلى الله عليه وسلم.
***
امثلة اخرى للصيغ الدالة على الوجوب
صيغ الواجب؟
ما يتعلق بصيغ الواجب وأساليبه وكيفية معرفته يعني كيف نعرف الواجب في أحكام الشرع فإن هناك صيغاً وأساليب للواجب في الشرع تدل على الوجوب والإلزام وهذه الصيغ هي صيغ الأمر إذا تجردت عن القرائن الصارفة لها عن الوجوب وهذه الصيغ منها صيغ ٌ أصليه ومنها صيغ تابعة فمن الصيغ الأصلية:
الأول: الأمر كقوله تعالى {وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة} فإن لفظ أقيموا وآتوا فعل أمر ٍ يدل على الوجوب وكقوله تعالى {خذ من أموالهمصدقة تطهرهم} فـخذ فعل أمر يدل على الوجوب.
الثاني: فعل المضارع المقترن بلام الأمر كقوله تعالى {ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق} وإن ليقضوا وليوفوا وليطوفوا أفعال مضارعه اقترنت بلام الأمر فتدل على الوجوب وكقوله تعالى {لينفق ذو سعة من سعته} فإن قوله لينفق فعل مضارع مقترن بلام الأمر فيدل على الوجوب.
الثالث : اسم فعل الأمر كقوله تعالى {عليكم أنفسكم} فإن عليكم هنا فعل أمر بمعنى ألزموا فهو يفيد الوجوب .
والرابع : المصدر النائب عن فعل الأمر كقوله تعالى {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} فقوله فضرب مصدر نائب عن فعل الأمرمعنى أضربوا فيدل على الوجوب .
س87- على ماذا تدل الصيغ السابقة؟
ج87- فهذه الصيغ السابقة تدل على الطلب على سبيل الجزم فيستفاد منها إما الوجوب أو الفرض على قول الحنفية
س88- هناك أساليب أخرى يمكن أن يستفاد منها الوجوب أيضا يمكن أن نسميها بالصيغ غير الأصلية أو التابعة مثل وهذه عدة أنواع ,أذكرها؟
ج88- أولا ً : التصريح من الشارع بلفظ الأمر
كقوله تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} فيأمركم تصريح بالأمر لأداء الأمانات فيدل على الوجوب .
ثانيا ً : التصريح بلفظ الإيجاب والفرض والكتب وغيرها
كقوله تعالى {يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام} فلفظ كتب لفظ أمر يدل على الإيجاب وقوله تعالى {فريضة ًمن الله} فهو يدل على الإيجاب وقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الوتر " الوتر حق " فلفظ حق يدل أيضا ً على الإيجاب والإلزام.
ولذلك استفاد الحنفية من قول النبي صلى الله عليه وسلم هذا في الوتر أن حكمه الوجوب.
الثالث : ترتيب الذم والعقاب على الترك أو إحباط العمل به
مثل قوله تعالى {لئن أشركت ليحبطن عملك }وقول الرسول صلى الله عليه وسلم بعد قوله "الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا " فهذه ألفاظ تدل على الإيجاب والإلزام .
الرابع : كل أسلوب في اللغة العربية يفيد الوجوب
مثل قوله تعالى {ولله على الناس حج البيت من أستطاع إليه سبيلا}فعبارة ولله على الناس لفظ يدل في اللغة العربية على الوجوب فيكون دالا ً على الإيجاب والإلزام.وهذه الصيغ دالة على الفرض في الوقت نفسه عند الجمهور إلا أن الحنفية يفرقون بينهما باعتبار الدليل المثبت لهما كما سيأتي
*****
ما سأنقله لك هو من شرح الدكتور / مسلم الدوسري على روضة الناظر :
* صيغ الواجب وأساليبه وكيفية معرفته :
إن هناك صيغاً وأساليب للواجب في الشرع تدل على الوجوب والإلزام وهذه الصيغ هي صيغ الأمر إذا تجردت عن القرائن الصارفة لها عن الوجوب وهذه الصيغ منها صيغ ٌ أصلية ومنها صيغ تابعة .
فمن الصيغ الأصلية:
الأول : الأمر كقوله تعالى {وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة} فإن لفظ أقيموا وآتوا فعل أمر ٍ يدل على الوجوب وكقوله تعالى {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم} فـخذ فعل أمر يدل على الوجوب.
الثاني : فعل المضارع المقترن بلام الأمر كقوله تعالى {ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق} وإن ليقضوا وليوفوا وليطوفوا أفعال مضارعه اقترنت بلام الأمر فتدل على الوجوب وكقوله تعالى {لينفق ذو سعة من سعته} فإن قوله لينفق فعل مضارع مقترن بلام الأمر فيدل على الوجوب.
الثالث : اسم فعل الأمر كقوله تعالى {عليكم أنفسكم} فإن عليكم هنا فعل أمر بمعنى الزموا فهو يفيد الوجوب .
والرابع : المصدر النائب عن فعل الأمر كقوله تعالى {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} فقوله فضرب مصدر نائب عن فعل الأمر معنى أضربوا فيدل على الوجوب .
فهذه الصيغ السابقة تدل على الطلب على سبيل الجزم فيستفاد منها إما الوجوب أو الفرض على قول الحنفية إلا أن هناك أساليب أخرى يمكن أن يستفاد منها الوجوب أيضا يمكن أن نسميها بالصيغ غير الأصلية أو التابعة وهذه عدة أنواع منها :
أولا ً : التصريح من الشارع بلفظ الأمر كقوله تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} فيأمركم تصريح بالأمر لأداء الأمانات فيدل على الوجوب .
ثانيا ً : التصريح بلفظ الإيجاب والفرض والكَـتـْب وغيرها كقوله تعالى {يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام} فلفظ كتب لفظ أمر يدل على الإيجاب وقوله تعالى {فريضة ًمن الله} فهو يدل على الإيجاب وقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الوتر " الوتر حق " فلفظ حق يدل أيضا ً على الإيجاب والإلزام.
ولذلك استفاد الحنفية من قول النبي صلى الله عليه وسلم هذا في الوتر أن حكمه الوجوب.
الثالث : ترتيب الذم والعقاب على الترك أو إحباط العمل به مثل قوله تعالى {لئن أشركت ليحبطن عملك }وقول الرسول صلى الله عليه وسلم بعد قوله "الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا " فهذه ألفاظ تدل على الإيجاب والإلزام .
الرابع : كل أسلوب في اللغة العربية يفيد الوجوب مثل قوله تعالى {ولله على الناس حج البيت من أستطاع إليه سبيلا} فعبارة ولله على الناس لفظ يدل في اللغة العربية على الوجوب فيكون دالا ً على الإيجاب والإلزام . وهذه الصيغ دالة على الفرض في الوقت نفسه عند الجمهور إلا أن الحنفية يفرقون بينهما باعتبار الدليل المثبت لهما كما سيأتي .
الفرق بين الواجب والفرض عند الحنفيَّة :
الجمهور لا يفرقون بينه وبين الواجب ولذلك يعرفون ما عرفوا به الواجب عرفوا به الفرض فما فرق بينهم فكل واجب فرض وكل فرض واجب .
وأما الحنفية فإنهم فرقوا بين الواجب والفرض فقد عرفوا الواجب بأنه كما سبق ما ثبت طلبه من الشارع طلباً جازماً بدليل ظني وعندما جاءوا إلى الفرض عرفوه بأنه ما ثبت طلبه من الشارع طلباً جازما ً بدليل ٍ قطعي ... انتهى كلامه - حفظه الله - .
ثم نأتي إلى صيغ المندوب فيقول - حفظه الله - :
صيغ المندوب وأساليبه :
للمندوب صيغ كثيرة وله أساليب كثيرة ذكرها جماعة من الأصوليين وهذه الأساليب تفيدنا في التفريق بين المندوب وبين الواجب من هذه الصيغ والأساليب مثلاً :
الصيغة الأولى والأمر الأول : الذي يعرف به الندب ونتوصل به إلى معرفة المندوب.
صيغة الأمر الصريح إذا وجدت معها قرينة تصرفها من الوجوب إلى الندب فنحن نعلم كما بينا لكم في صيغ الواجب أو الأمور الكيفية في معرفة الواجب أن من الأمور التي يعرف بها الواجب صيغة الأمر المجرد من القرينة كقوله تعالى {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} ونحو ذلك .
أما إذا كانت عندنا صيغة أمر صريح ووجدت معها قرينة فإن في هذه الحالة تصرفه من الوجوب إلى الندب وقد تصرفه من الوجوب إلى الإباحة لكن نحن نتكلم عن صيغه تصرف الأمر من الوجوب إلى الندب وهذه الصيغ حقيقة كثيرة فعندنا صيغ أو صوارف هذه الصوارف تصرف الأمر من الوجوب إلى الندب صوارف كثيرة منها نصوص ترد في الشريعة / ومنه مثلا قواعد عامة في الشريعة .
فمن أمثلة النصوص: قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى اكتبوه} لفظ اكتبوه هنا أمر وهو أمر لو تجرد عن القرينة لكان دال على وجوب كتابة الدين في حال وجود مداينة لكن هذا الأمر حمله العلماء على الندب فقالوا إنه مندوب لأن هذا المندوب قد وردت قرينة تصرفه من الوجوب إلى الندب وهذه القرينة وردت في نص آخر وهو قوله تعالى {فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته}
وقد تكون القرينة صارفة من الوجوب إلى الندب قاعدة شرعية فمثلا ًبقوله تعالى في شأن المماليك: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} والمكاتبة المقصود بها أن يتفق السيد مع مملوكه أو أمته على أنه يدفع له أو يعطيه مالاً مقسطا ًلأن العبد يريد الفكاك من الرق فيعطي سيده مالاً مقسطاً فإذا دفع له حقه كاملاً فإنه حينئذ يكون المكاتب حراً . فهذه المكاتبة قد ورد الأمر بها في قوله تعالى: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} فهذا أمر ولو كان هذا الأمر بصورة متجردة لكن كان دال على الوجوب لكن العلماء حملوه على الندب وقالوا هذا الأمر يفيد الندب والصارف له قاعدة من قواعد الشريعة العامة فإن من قواعد الشريعة العامة في الملكية أن المالك حر في تصرفه في ملكه وإذا كان المالك حر في تصرفه لملكه فإن هذا الأمر ينبغي أن يحمل على الندب ولا يحمل على الوجوب
والصيغة التي يستفاد منها الندب مثلا : إذا وردت في صيغة لفظية تدل على الندب .
مثل لفظ مندوب أو لفظ سنة أو نحو ذلك مثلا وردت في تعبير صلى الله عليه وسلم في قوله في قيام رمضان ( وسننت لكم قيامه ) فلفظ سننت يعني من قبيل السنة فهذا يدل على أن قيام رمضان سنة وليس واجب بدلالة هذا اللفظ ولم يقل أوجبت أو نحو ذلك .
أو بعض الألفاظ التي تدل على المفاضلة فإن لفظ المفاضلة تدل على أن هذا الأمر مندوب وليس واجب كما في قوله صلى الله عليه وسلم في غسل الجمعة: (ومن اغتسل فالغسل أفضل) فيدل على أن الغسل مندوب أي مستحب في الجمعة لدلالة لفظ أفضل هنا في المفاضلة بين الغسل والوضوء .
الصيغة الثانية: الألفاظ الدالة على الترغيب مثل لفظ حبذا لو فعلت كذا أو نعم هذا الأمر
مثلاً قول صلى الله عليه وسلم لبريرة حين عتقت وهي زوجة لرقيق قوله صلى الله عليه وسلم (لو راجعته) وقوله لو راجعته هنا لو للترغيب فهي تدل أن المراجعة هنا مندوبة أو مستحبة من بريرة رضي الله عنها لزوجها الرقيق بعد أن فصلت عنه لكونها عتقت وصارت حرة وقوله صلى الله عليه وسلم: (أحب العمل إلى الله الصلاة لوقتها) وغير ذلك من العبارات الدالة على الندب.
الألفاظ المرادفة للمندوب :
هناك عندنا في الشرع أو في ألفاظ الفقهاء ألفاظ ترادف الندب يعني تعبير بلفظ المندوب تدل على أن هذا الشيء مأمور به لكن على غير وجه الجزم ولم يطلب منا فعله حتما ولزوما فعبر علماء الشرع عن هذا بألفاظ منها مثلاً لفظ السنة فإنه يفيد معنى المندوب ولفظ أيضا المستحب فأيضاً هذا يفيد لفظ المندوب ولفظ النفل فهو أيضا يفيد المندوب ولفظ التطوع فإنه يفيد معنى المندوب ...
فإذن جمهور العلماء في الغالب والأصوليين لا يُفـرِّقـون بين لفظ المندوب ولفظ السنة ولفظ المستحب ولفظ النفل ولفظ التطوع فنقول إن كل هذه الألفاظ تدل على معنى واحد وهو أن هذا الشيء مطلوب على غير وجه الجزم .
لكن الحقيقة أن الحنفية خالفوا في هذا ونحتاج أن نقف عند هذا لأن الذي يقرأ في كتب الحنفية في الفقه يحتاج إلى أن يتأمل ألفاظهم لأنهم يعبرون بألفاظ لفظ سنة ولفظ نفل ويعنون بها أمور أخرى غير المندوب بينما هي عند الجمهور تساوي المندوب تماماً .
فالحنفية خالفوا وفرقوا بين السنة والنفل وجعلوا المندوب هو الذي يرادف النفل فقالوا المندوب يرادف النفل ولكن السنة أعلى من المندوب في الرتبة .
فمثلا عند الحنفية السنة هي ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وواظب عليه .
والمستحب هو ما فعله صلى الله عليه وسلم ولم يواظب عليه بل فعله مره أو مرتين أي من قبيل السنة الغير مؤكدة .
والتطوع هو الذي لم يفعله صلى الله عليه وسلم بل أنشأه المكلف من نفسه واختياره . ( انتهى كلامه - حفظه الله - )
* صيغ الواجب وأساليبه وكيفية معرفته :
إن هناك صيغاً وأساليب للواجب في الشرع تدل على الوجوب والإلزام وهذه الصيغ هي صيغ الأمر إذا تجردت عن القرائن الصارفة لها عن الوجوب وهذه الصيغ منها صيغ ٌ أصلية ومنها صيغ تابعة .
فمن الصيغ الأصلية:
الأول : الأمر كقوله تعالى {وأقيموا الصلاة وأتوا الزكاة} فإن لفظ أقيموا وآتوا فعل أمر ٍ يدل على الوجوب وكقوله تعالى {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم} فـخذ فعل أمر يدل على الوجوب.
الثاني : فعل المضارع المقترن بلام الأمر كقوله تعالى {ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق} وإن ليقضوا وليوفوا وليطوفوا أفعال مضارعه اقترنت بلام الأمر فتدل على الوجوب وكقوله تعالى {لينفق ذو سعة من سعته} فإن قوله لينفق فعل مضارع مقترن بلام الأمر فيدل على الوجوب.
الثالث : اسم فعل الأمر كقوله تعالى {عليكم أنفسكم} فإن عليكم هنا فعل أمر بمعنى الزموا فهو يفيد الوجوب .
والرابع : المصدر النائب عن فعل الأمر كقوله تعالى {فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب} فقوله فضرب مصدر نائب عن فعل الأمر معنى أضربوا فيدل على الوجوب .
فهذه الصيغ السابقة تدل على الطلب على سبيل الجزم فيستفاد منها إما الوجوب أو الفرض على قول الحنفية إلا أن هناك أساليب أخرى يمكن أن يستفاد منها الوجوب أيضا يمكن أن نسميها بالصيغ غير الأصلية أو التابعة وهذه عدة أنواع منها :
أولا ً : التصريح من الشارع بلفظ الأمر كقوله تعالى {إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها} فيأمركم تصريح بالأمر لأداء الأمانات فيدل على الوجوب .
ثانيا ً : التصريح بلفظ الإيجاب والفرض والكَـتـْب وغيرها كقوله تعالى {يأيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام} فلفظ كتب لفظ أمر يدل على الإيجاب وقوله تعالى {فريضة ًمن الله} فهو يدل على الإيجاب وقول الرسول صلى الله عليه وسلم في الوتر " الوتر حق " فلفظ حق يدل أيضا ً على الإيجاب والإلزام.
ولذلك استفاد الحنفية من قول النبي صلى الله عليه وسلم هذا في الوتر أن حكمه الوجوب.
الثالث : ترتيب الذم والعقاب على الترك أو إحباط العمل به مثل قوله تعالى {لئن أشركت ليحبطن عملك }وقول الرسول صلى الله عليه وسلم بعد قوله "الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا " فهذه ألفاظ تدل على الإيجاب والإلزام .
الرابع : كل أسلوب في اللغة العربية يفيد الوجوب مثل قوله تعالى {ولله على الناس حج البيت من أستطاع إليه سبيلا} فعبارة ولله على الناس لفظ يدل في اللغة العربية على الوجوب فيكون دالا ً على الإيجاب والإلزام . وهذه الصيغ دالة على الفرض في الوقت نفسه عند الجمهور إلا أن الحنفية يفرقون بينهما باعتبار الدليل المثبت لهما كما سيأتي .
الفرق بين الواجب والفرض عند الحنفيَّة :
الجمهور لا يفرقون بينه وبين الواجب ولذلك يعرفون ما عرفوا به الواجب عرفوا به الفرض فما فرق بينهم فكل واجب فرض وكل فرض واجب .
وأما الحنفية فإنهم فرقوا بين الواجب والفرض فقد عرفوا الواجب بأنه كما سبق ما ثبت طلبه من الشارع طلباً جازماً بدليل ظني وعندما جاءوا إلى الفرض عرفوه بأنه ما ثبت طلبه من الشارع طلباً جازما ً بدليل ٍ قطعي ... انتهى كلامه - حفظه الله - .
ثم نأتي إلى صيغ المندوب فيقول - حفظه الله - :
صيغ المندوب وأساليبه :
للمندوب صيغ كثيرة وله أساليب كثيرة ذكرها جماعة من الأصوليين وهذه الأساليب تفيدنا في التفريق بين المندوب وبين الواجب من هذه الصيغ والأساليب مثلاً :
الصيغة الأولى والأمر الأول : الذي يعرف به الندب ونتوصل به إلى معرفة المندوب.
صيغة الأمر الصريح إذا وجدت معها قرينة تصرفها من الوجوب إلى الندب فنحن نعلم كما بينا لكم في صيغ الواجب أو الأمور الكيفية في معرفة الواجب أن من الأمور التي يعرف بها الواجب صيغة الأمر المجرد من القرينة كقوله تعالى {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} ونحو ذلك .
أما إذا كانت عندنا صيغة أمر صريح ووجدت معها قرينة فإن في هذه الحالة تصرفه من الوجوب إلى الندب وقد تصرفه من الوجوب إلى الإباحة لكن نحن نتكلم عن صيغه تصرف الأمر من الوجوب إلى الندب وهذه الصيغ حقيقة كثيرة فعندنا صيغ أو صوارف هذه الصوارف تصرف الأمر من الوجوب إلى الندب صوارف كثيرة منها نصوص ترد في الشريعة / ومنه مثلا قواعد عامة في الشريعة .
فمن أمثلة النصوص: قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى اكتبوه} لفظ اكتبوه هنا أمر وهو أمر لو تجرد عن القرينة لكان دال على وجوب كتابة الدين في حال وجود مداينة لكن هذا الأمر حمله العلماء على الندب فقالوا إنه مندوب لأن هذا المندوب قد وردت قرينة تصرفه من الوجوب إلى الندب وهذه القرينة وردت في نص آخر وهو قوله تعالى {فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته}
وقد تكون القرينة صارفة من الوجوب إلى الندب قاعدة شرعية فمثلا ًبقوله تعالى في شأن المماليك: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} والمكاتبة المقصود بها أن يتفق السيد مع مملوكه أو أمته على أنه يدفع له أو يعطيه مالاً مقسطا ًلأن العبد يريد الفكاك من الرق فيعطي سيده مالاً مقسطاً فإذا دفع له حقه كاملاً فإنه حينئذ يكون المكاتب حراً . فهذه المكاتبة قد ورد الأمر بها في قوله تعالى: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} فهذا أمر ولو كان هذا الأمر بصورة متجردة لكن كان دال على الوجوب لكن العلماء حملوه على الندب وقالوا هذا الأمر يفيد الندب والصارف له قاعدة من قواعد الشريعة العامة فإن من قواعد الشريعة العامة في الملكية أن المالك حر في تصرفه في ملكه وإذا كان المالك حر في تصرفه لملكه فإن هذا الأمر ينبغي أن يحمل على الندب ولا يحمل على الوجوب
والصيغة التي يستفاد منها الندب مثلا : إذا وردت في صيغة لفظية تدل على الندب .
مثل لفظ مندوب أو لفظ سنة أو نحو ذلك مثلا وردت في تعبير صلى الله عليه وسلم في قوله في قيام رمضان ( وسننت لكم قيامه ) فلفظ سننت يعني من قبيل السنة فهذا يدل على أن قيام رمضان سنة وليس واجب بدلالة هذا اللفظ ولم يقل أوجبت أو نحو ذلك .
أو بعض الألفاظ التي تدل على المفاضلة فإن لفظ المفاضلة تدل على أن هذا الأمر مندوب وليس واجب كما في قوله صلى الله عليه وسلم في غسل الجمعة: (ومن اغتسل فالغسل أفضل) فيدل على أن الغسل مندوب أي مستحب في الجمعة لدلالة لفظ أفضل هنا في المفاضلة بين الغسل والوضوء .
الصيغة الثانية: الألفاظ الدالة على الترغيب مثل لفظ حبذا لو فعلت كذا أو نعم هذا الأمر
مثلاً قول صلى الله عليه وسلم لبريرة حين عتقت وهي زوجة لرقيق قوله صلى الله عليه وسلم (لو راجعته) وقوله لو راجعته هنا لو للترغيب فهي تدل أن المراجعة هنا مندوبة أو مستحبة من بريرة رضي الله عنها لزوجها الرقيق بعد أن فصلت عنه لكونها عتقت وصارت حرة وقوله صلى الله عليه وسلم: (أحب العمل إلى الله الصلاة لوقتها) وغير ذلك من العبارات الدالة على الندب.
الألفاظ المرادفة للمندوب :
هناك عندنا في الشرع أو في ألفاظ الفقهاء ألفاظ ترادف الندب يعني تعبير بلفظ المندوب تدل على أن هذا الشيء مأمور به لكن على غير وجه الجزم ولم يطلب منا فعله حتما ولزوما فعبر علماء الشرع عن هذا بألفاظ منها مثلاً لفظ السنة فإنه يفيد معنى المندوب ولفظ أيضا المستحب فأيضاً هذا يفيد لفظ المندوب ولفظ النفل فهو أيضا يفيد المندوب ولفظ التطوع فإنه يفيد معنى المندوب ...
فإذن جمهور العلماء في الغالب والأصوليين لا يُفـرِّقـون بين لفظ المندوب ولفظ السنة ولفظ المستحب ولفظ النفل ولفظ التطوع فنقول إن كل هذه الألفاظ تدل على معنى واحد وهو أن هذا الشيء مطلوب على غير وجه الجزم .
لكن الحقيقة أن الحنفية خالفوا في هذا ونحتاج أن نقف عند هذا لأن الذي يقرأ في كتب الحنفية في الفقه يحتاج إلى أن يتأمل ألفاظهم لأنهم يعبرون بألفاظ لفظ سنة ولفظ نفل ويعنون بها أمور أخرى غير المندوب بينما هي عند الجمهور تساوي المندوب تماماً .
فالحنفية خالفوا وفرقوا بين السنة والنفل وجعلوا المندوب هو الذي يرادف النفل فقالوا المندوب يرادف النفل ولكن السنة أعلى من المندوب في الرتبة .
فمثلا عند الحنفية السنة هي ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وواظب عليه .
والمستحب هو ما فعله صلى الله عليه وسلم ولم يواظب عليه بل فعله مره أو مرتين أي من قبيل السنة الغير مؤكدة .
والتطوع هو الذي لم يفعله صلى الله عليه وسلم بل أنشأه المكلف من نفسه واختياره . ( انتهى كلامه - حفظه الله - )
*****
الصيغ الدالة على الندب (المندوب)
أذكر صيغ المندوب؟
ج---- 1- الذي يعرف به الندب ونتوصل به إلى معرفة المندوب.صيغة الأمر الصريح
2- الألفاظ الدالة على الترغيب مثل لفظ حبذا لو فعلت كذا أو نعم هذا الأمر
س----- تكلم عن صيغ المندوب وأساليبه ؟ وتكلم عن الصيغة الأولى؟
ج------ أما ما يتعلق بصيغ المندوب وأساليبه فإنه حقيقة أن للمندوب صيغ كثيرة وله أساليب كثيرة ذكرها جماعه من الأصوليين وهذه الأساليب تفيدنا في التفريق بين المندوب وتفيد في التفريق بينه وبينالواجب من هذه الصيغ والأساليب مثلاً :
الصيغة الأولى والأمر الأول : الذي يعرف به الندب ونتوصل به إلى معرفة المندوب.
صيغة الأمر الصريح إذا وجدت معها قرينة تصرفها من الوجوب إلى الندب فنحن نعلم كما بينا لكم في الصيغ الواجب أو الأمور الكيفية في معرفة الواجب أن من الأمور التي يعرف بها الواجب صيغة الأمر المجرد من القرينة كقوله تعالى {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} ونحو ذلك.أما إذا كانت عندنا صيغة أمر صريح ووجدت معها قرينة فإن في هذه الحالة تصرفه من الوجوب إلى الندب وقد تصرفه من الوجوب إلى الإباحة لكن نحن نتكلم عن صيغه تصرف الأمر من الوجوب إلى الندب وهذه الصيغ حقيقة كثيرة فعندنا صيغ أو صوارف هذه الصوارف تصرف الأمر من الوجوب إلى الندب صوارف كثيرة منها نصوص ترد في الشريعة / ومنه مثلا قواعد عامة في الشريعة فمن أمثلة النصوص: قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى اكتبوه}
لفظ اكتبوه هنا أمر وهو أمر لو تجرد عن القرينة لكان دال على وجوب كتابة الدين في حال وجود مداينة لكن هذا الأمر حمله العلماء على الندب فقالوا إنه مندوب لأن هذا المندوب قد وردت قرينة تصرفه من الوجوب إلى الندب وهذه القرينة وردت في نص آخر وهو قوله تعالى {فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته} فهذا الأمر الذي في قوله فاكتبوه مصروف عن الوجوب إلى الندب بالقرينة الدالة على ذلك وهذه القرينة وردت في نص آخر وقد تكون القرينة صارفة من الوجوب إلى الندب قاعدة شرعية فمثلا ًبقوله تعالى في شأن المماليك: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} والمكاتبة المقصود بها أن يتفق السيد مع مملوكه أو أمته على أنه يدفع له أو يعطيه مالاً مقسطا ًلأن العبد يريد الفكاك من الرق فيعطي سيده مالاً مقسطاً فإذا دفع له حقه كاملاً فإنه حينئذ يكون المكاتب حراً فهذه تسمى المكاتبة وهي أن يدفع أو يتفق السيد مع عبده على أن يدفع له مالاً مقسطاً على أشهر أو نحو ذلك فإذا دفع الرقيق المال كاملا فإنه يكون حراً فهذه المكاتبة فقدورد الأمر بها في قوله تعالى: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} فهذا أمر ولو كان هذا الأمر بصورة متجردة لكن كان دال على الوجوب لكن العلماء حملوه على الندب وقالوا هذا الأمر يفيد الندب والصارف له قاعدة من قواعد الشريعة العامة فإن من قواعد الشريعة العامة في الملكية أن المالك حر في تصرفه في ملكه وإذا كان المالك حر في تصرفه لملكه فإن هذا الأمر ينبغي أن يحمل على الندب ولا يحمل على الوجوب هذه صيغة من صيغ الأمر الصيغة الأولى الدالة على الندب وهي صيغه الأمر الصريح إذا اقترنت بقرينه يعني تصريفها من الوجوب إلى الندب من الأمور التي يستفاد منها الندب والصيغة التي يستفاد منها الندب مثلا إذا وردت في صيغه لفظيه تدل على الندب مثل لفظ مندوب أو لفظ سنة أو نحو ذلك مثلا وردت في تعبير صلى الله عليه وسلم في قوله في قيام رمضان (وسننت لكم قيامه) فلفظ سننت يعني من قبيل السنة فهذا يدل على أن قيام رمضان سنة وليس واجب بدلالة هذا اللفظ ولم يقل أوجبت أو نحو ذلك أو بعض الألفاظ التي تدل على المفاضلة فإن لفظ المفاضلة تدل على أن هذا الأمر مندوب وليس واجب كما في قوله صلى الله عليه وسلم في غسل الجمعة: (ومن اغتسل فالغسل أفضل) فيدل على أن الغسل مندوب أي مستحب في الجمعة لدلالة لفظ أفضل هنا في المفاضلة بين الغسل والوضوء .
س----- تكلم عن صيغ المندوب وأساليبه ؟ وتكلم عن الصيغة الثانية؟
ج----- الصيغة الثانية: الألفاظ الدالة على الترغيب مثل لفظ حبذا لو فعلت كذا أو نعم هذا الأمر .
مثلاً قول صلى الله عليه وسلم لبريرة حين عتقت وهي زوجة لرقيق قوله صلى الله عليه وسلم (لو راجعته) وقوله لو راجعته هنا لو لترغيب فهي تدل أن المراجعة هنا مندوبة أو مستحبة من بريرة رضي الله عنها لزوجها الرقيق بعد أن فصلت عنه لكونها عتقت وصارت حرة وقوله صلى الله عليه وسلم: (أحب العمل إلى الله الصلاة لوقتها)وغير ذلك من العبارات الدالة على الندب.
وهناك حقيقة جمله من الأساليب والصيغ وهي كثيرة في الشريعة أيضا ذكرها الأصوليون في مختلف مؤلفاتهم في أصول الفقه ومنهم من يكثر من هذه الصيغ ومنهم من يقل وأيضا اعتنت بها كتب التفاسير والمتعلقة بشرح أوامر القرآن ونواهيه وأيضا الكتب المتعلقة بشروح السنة في أوامر النبي صلى الله عليه وسلم فإنها تحدثت عن جملة من هذه الصيغ في ما يتعلق في صيغ وأساليب الندب.
******
لمعرفة المندوب طرق كثيرة منها:
أولاً : صيغة الأمر[1] المصروفة عن الوجوب إلى الندب, مثل: الأمر في قوله تعالى: {... وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً ... }النور: ٣٣ فالأمر في الآية محمول على الندب عند جماهير العلماء, قال القرطبي[2] ـ رحمه الله ـ :
وتمسك الجمهور بأن الإجماع منعقد على أنه لو سأله أن يبيعه من غيره لم يلزمه ذلك، ولم يجبر عليه, وإن ضوعف له في الثمن.
وكذلك لو قال له: اعتقني أو دبرني أو زوجنى لم يلزمه ذلك بإجماع، فكذلك الكتابة؛ لأنها معاوضة؛ فلا تصح إلا عن تراض [3].
ثانيا: فعل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وقد ذكر العلماء سبع حالات يكون فيها فعله ـ صلى الله عليه وسلم ـ محمولاً على الندب , وهي [4]:
1) أن يثبت بقوله ونصه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أن فعله على سبيل الندبوالاستحباب, ومثاله: حديث أسامة بن زيد[5] قال قلت : يا رسول الله إنك تصوم حتى لا تكاد تفطر, وتفطر حتى لا تكاد أن تصوم إلا يومين إن دخلا في صيامك وإلا صمتهما قال: أي يومين, قلت: يوم الإثنين ويوم الخميس, قال: ذانك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم[6] .
فبين ـ صلى الله عليه وسلم ـ أنه استحب صيام اليومين المذكورين لما ذكره من عرض الأعمال, ولو كان صومهما واجبا لبيّنه.
2) أن يكون الفعل بيانا لقول دال على الندب, أو امتثالا له.
3) أن يسوّي بين الفعل وفعل آخر مندوب, والتخيير تسوية, لأنه لا يخير بين ما هو مندوب وما ليس بمندوب.
4) أن يكون وقوع الفعل مع قرينة قد تقرر في الشريعة أنها أمارة للندب, كصلاة الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ الوتر على الراحلة[7] , فإنه دليل على أن الوتر ليس بواجب؛ لأن الفرائض لا تصلى على الراحلة.
5) أن يقع الفعل قضاء لمندوب, كالركعتين بعد العصر , صلاهما النبيّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ بدلا عن الركعتين التي بعد الظهر[8]
6) المواظبة على الفعل في العبادة مع الإخلال به أحيانا لغير عذر ولا نسخ, فالمواظبة تدل على أنه طاعة وقربة, وتركه أحياناً يدل على أنه ليس بواجب.
7) أن يعلم من قصده ـ صلى الله عليه و سلم ـ أنه قصد القربة بذلك الفعل, فيعلم أنه راجح الوجود, ثم نعرف انتفاء الوجوب بحكم الاستصحاب؛ فيثبت الندب .
ثالثاً: التعبير بالندب أو بعض أسمائه كالاستحباب والتطوع والنافلة وما تصرف من ذلك[9]. قال ابن عقيل: أصرح صيغة في الندب: افعل فقد ندبتك, أو ندبتك إلى كذا وكذا, أو أستحب لك أن تفعل كذا, فهذه ألفاظ لا يقع الخلاف فيها؛ لأنها صريحة فيما وضعت له [10], ومن ذلك التعبير بالألفاظ التالية:
1) التعبير بلفظ الندب وما تصرف منه. ومن أمثلة ذلك:
حديث جابر بن عبد الله [11] - رضي الله عنهما - قال ندب النبي - صلى الله عليه وسلم - الناس - قال صدقة أظنه - يوم الخندق فانتدب الزبير ، ثم ندب فانتدب الزبير ، ثم ندب الناس فانتدب الزبير فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - « إن لكل نبي حواريا ، وإن حواريّ الزبير بن العوام [12] »[13].
2) التعبير بلفظ الاستحباب وما تصرف منه. ومن أمثلة ذلك:
حديث أبي برزة الأسلمي [14] : كان يستحب أن يؤخر العشاء التي تدعونها العتمة، وكان يكره النوم قبلها والحديث بعدها[15].
3) التعبير بلفظ التطوع وما تصرف منه, ومن أمثلة ذلك:
- قول الله تعالى : {الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }التوبة: ٧٩أي: يلمزون المتطوعين, وهم المتبرعون بأموالهم.
ـ حديث أم حبيبة [16] زوج النبى -صلى الله عليه وسلم- أنها قالت سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول « ما من عبد مسلم يصلي لله كل يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعا غير فريضة إلا بنى الله له بيتا في الجنة أو إلا بني له بيت في الجنة»[17].
4) التعبير بلفظ النافلة وما تصرف منها.ومن أمثلة ذلك:
- قول الله تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَاماً مَّحْمُوداً }الإسراء: ٧٩ .
ـ حديث أبى ذر [18] قال: قال لي رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : « كيف أنت إذا كانت عليك أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها أو يميتون الصلاة عن وقتها ». قال: قلت: فما تأمرني قال: « صل الصلاة لوقتها, فإن أدركتها معهم فصل فإنها لك نافلة»[19].
رابعاً : الترغيب في الفعل بمدح فاعله, وبيان ما يترتب عليه من الأجر والثواب, وما أشبه ذلك, وقد ذكر العز بن عبد السلام[20] ـ رحمه الله ـ عدداً من الأساليب الدالة على طلب الفعل في كتابه الإمام[21], وتبعه في ذلك ابن القيم[22] ـ رحمه الله ـ حيث قال: كل فعل عظمه الله ورسوله, ومدحه أو مدح فاعله لأجله, أو فرح به أو أحبه أو أحب فاعله أو رضي به أو رضي عن فاعله أو وصفه بالطيب أو البركة أو الحسن أو نصبه سببا لمحبته أو لثواب عاجل أو آجل أو نصبه سببا لذكره لعبده أو لشكره له أو لهدايته إياه أو لإرضاء فاعله أو لمغفرة ذنبه وتكفير سيئاته أو لقبوله أو لنصرة فاعله أو بشارة فاعله بالطيب أو وصف الفعل بكونه معروفا أو نفي الحزن والخوف عن فاعله أو وعده بالأمن أو نصبه سببا لولايته أو أخبر عن دعاء الرسل بحصوله أو وصفه بكونه قربة أو أقسم به أو بفاعله, كالقسم بخيل المجاهدين وإغارتها أو ضحك الرب جل جلاله من فاعله أو عجبه به فهو دليل على مشروعيته المشتركة بين الوجوب والندب[23].
صيغ المندوب وأساليبه:
==============
للمندوب صيغ كثيرة وله أساليب كثيرة ذكرها جماعة من الأصوليين وهذه الأساليب تفيدنا في التفريق بين المندوب وبين الواجب من هذه الصيغ والأساليب مثلاً :
الصيغة الأولى والأمر الأول الذي يعرف به الندب ونتوصل به إلى معرفة المندوب صيغة الأمر الصريح إذا وجدت معها قرينة تصرفها من الوجوب إلى الندب فنحن نعلم كما بينا لكم في صيغ الواجب أو الأمور الكيفية في معرفة الواجب أن من الأمور التي يعرف بها الواجب صيغة الأمر المجرد من القرينة كقوله تعالى {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} ونحو ذلك
أما إذا كانت عندنا صيغة أمر صريح ووجدت معها قرينة فإن في هذه الحالة تصرفه من الوجوب إلى الندب وقد تصرفه من الوجوب إلى الإباحة لكن نحن نتكلم عن صيغه تصرف الأمر من الوجوب إلى الندب وهذه الصيغ حقيقة كثيرة فعندنا صيغ أو صوارف هذه الصوارف تصرف الأمر من الوجوب إلى الندب صوارف كثيرة منها نصوص ترد في الشريعة ومنه مثلا قواعد عامة في الشريعة .
فمن أمثلة النصوص: قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى اكتبوه} لفظ اكتبوه هنا أمر وهو أمر لو تجرد عن القرينة لكان دال على وجوب كتابة الدين في حال وجود مداينة لكن هذا الأمر حمله العلماء على الندب فقالوا إنه مندوب لأن هذا المندوب قد وردت قرينة تصرفه من الوجوب إلى الندب وهذه القرينة وردت في نص آخر وهو قوله تعالى {فإن أمن بعضكم بعضا فليؤد الذي اؤتمن أمانته}
وقد تكون القرينة صارفة من الوجوب إلى الندب قاعدة شرعية فمثلا ًبقوله تعالى في شأن المماليك: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} والمكاتبة المقصود بها أن يتفق السيد مع مملوكه أو أمته على أنه يدفع له أو يعطيه مالاً مقسطا ًلأن العبد يريد الفكاك من الرق فيعطي سيده مالاً مقسطاً فإذا دفع له حقه كاملاً فإنه حينئذ يكون المكاتب حراً . فهذه المكاتبة قد ورد الأمر بها في قوله تعالى: {فكاتبوهم إن علمتم فيهم خيرا} فهذا أمر ولو كان هذا الأمر بصورة متجردة لكن كان دال على الوجوب لكن العلماء حملوه على الندب وقالوا هذا الأمر يفيد الندب والصارف له قاعدة من قواعد الشريعة العامة فإن من قواعد الشريعة العامة في الملكية أن المالك حر في تصرفه في ملكه وإذا كان المالك حر في تصرفه لملكه فإن هذا الأمر ينبغي أن يحمل على الندب ولا يحمل على الوجوب
والصيغة التي يستفاد منها الندب مثلا : إذا وردت في صيغة لفظية تدل على الندب مثل لفظ مندوب أو لفظ سنة أو نحو ذلك مثلا وردت في تعبير صلى الله عليه وسلم في قوله في قيام رمضان ( وسننت لكم قيامه ) فلفظ سننت يعني من قبيل السنة فهذا يدل على أن قيام رمضان سنة وليس واجب بدلالة هذا اللفظ ولم يقل أوجبت أو نحو ذلك أو بعض الألفاظ التي تدل على المفاضلة فإن لفظ المفاضلة تدل على أن هذا الأمر مندوب وليس واجب كما في قوله صلى الله عليه وسلم في غسل الجمعة: (ومن اغتسل فالغسل أفضل) فيدل على أن الغسل مندوب أي مستحب في الجمعة لدلالة لفظ أفضل هنا في المفاضلة بين الغسل والوضوء .
الصيغة الثانية: الألفاظ الدالة على الترغيب مثل لفظ حبذا لو فعلت كذا أو نعم هذا الأمر مثلاً قول صلى الله عليه وسلم لبريرة حين عتقت وهي زوجة لرقيق قوله صلى الله عليه وسلم (لو راجعته) وقوله لو راجعته هنا لو للترغيب فهي تدل أن المراجعة هنا مندوبة أو مستحبة من بريرة رضي الله عنها لزوجها الرقيق بعد أن فصلت عنه لكونها عتقت وصارت حرة وقوله صلى الله عليه وسلم: (أحب العمل إلى الله الصلاة لوقتها) وغير ذلك من العبارات الدالة على الندب.
الألفاظ المرادفة للمندوب
-----------------------------
في الشرع أو في ألفاظ الفقهاء ألفاظ ترادف الندب يعني تعبير بلفظ المندوب تدل على أن هذا الشيء مأمور به لكن على غير وجه الجزم ولم يطلب منا فعله حتما ولزوما فعبر علماء الشرع عن هذا بألفاظ منها مثلاً لفظ السنة فإنه يفيد معنى المندوب ولفظ أيضا المستحب فأيضاً هذا يفيد لفظ المندوب ولفظ النفل فهو أيضا يفيد المندوب ولفظ التطوع فإنه يفيد معنى المندوب ...
فإذن جمهور العلماء في الغالب والأصوليين لا يُفـرِّقـون بين لفظ المندوب ولفظ السنة ولفظ المستحب ولفظ النفل ولفظ التطوع فنقول إن كل هذه الألفاظ تدل على معنى واحد وهو أن هذا الشيء مطلوب على غير وجه الجزم
عند الحنفية:
---------------
فالحنفية خالفوا وفرقوا بين السنة والنفل وجعلوا المندوب هو الذي يرادف النفل فقالوا المندوب يرادف النفل ولكن السنة أعلى من المندوب في الرتبة
فمثلا عند الحنفية السنة هي ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم وواظب عليه.
والمستحب هو ما فعله صلى الله عليه وسلم ولم يواظب عليه بل فعله مره أو مرتين أي من قبيل السنة الغير مؤكدة
والتطوع هو الذي لم يفعله صلى الله عليه وسلم بل أنشأه المكلف من نفسه واختياره
*******
صيغ المحرم ؛ فيقول - حفظه الله - عند هذا المبحث :
المحرم يطلق عليه العلماء عدة تسميات وعدة إطلاقات :
فالمحرم يسمى المحظور ويسمى الممنوع ويسمى المزجور عنه ويسمى المعصية ويسمى الذنب والقبيح والسيئة والفاحشة والإثم والعقوبة ونحو ذلك من الألفاظ التي يذكرها العلماء في مظانها ويقصدون بها المحرم ...
إلى أن قال :
صـيـغ الحـرام وأسـالـيـبـه :
يعني إذا أردنا أن نعرف محرما ً من المحرمات فكيف نصل إلى معرفة هذا المحرم ؟
الحقيقة أن المحرم له صيغ وأساليب مختلفة يمكن من خلالها معرفة هذا المحرم منها :
الصيغة الأولى : صيغة النهي إذا جاءت مطلقة عما يصرفها عن حقيقتها إلى معان أخرى فالأصل في النهي أنه للتحريم كما في قوله تعالى ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) وقوله تعالى ( ولا تأكلوا الربا ) أو قوله ( يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا ً مضاعفة ).
وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - " لا يبع بعضكم على بيع بعض " فلو جاءت معها قرينة ٌ تصرفها فإنها تنصرف إلى الكراهة كما أشرنا في مسائل المكروه .
الصيغة الثانية : استعمال لفظة التحريم ومشتقاتها كما في قوله تعالى { حرمت عليكم الميتة } وقوله تعالى { وهو محرم عليكم إخراجهم } وقوله - صلى الله عليه وسلم - " إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات " .
الصيغة الثالثة : التصريح بعدم الجواز ونفي الحل . لو صرح الشرع بأن هذا الأمر غير جائز أو أنه ليس حلالا فإنه يكون محرما مثل قوله تعالى ( ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا ) وقوله : " لا يحل دم امرئ مسلم ٍ إلا بإحدى ثلاث " .
الصيغة الرابعة : ترتيب العقوبة على الفعل من الله تعالى أو من النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يذكر فعل ٌ ما ؛ ثم يذكر له عقوبة كقوله تعالى ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ) فالجلد هنا عقوبة على القذف فيكون القذف محرما ً وقوله تعالى ( فالسارق والسارقة ُ فاقطعوا أيديهما ) فالسرقة ُ هنا محرمة لأنه رتب عليها عقوبة وهي القطع وقوله - صلى الله عليه وسلم - " ومن ظلم من الأرض قيد شبر طوقه من سبع أرضين " فهذا أيضاً دليل على أن الظلم هو محرم بدلالة أنه رتب عليه عقوبة ٌ وجزاء ٌ يوم القيامة .
الصيغة الخامسة : صيغة الأمر التي تدل على طلب الترك والمنع من الفعل مثل لفظ الاجتناب أو لفظ اتركوا أو الكف أو نحو ذلك فيعتبرها بعض العلماء من النواهي والصيغ التي تدل على التحريم كقوله تعالى : ( واجتنبوا قول الزور ) وقوله تعالى : ( وذروا ما بقي من الربا ( فقوله ( اجتنبوا ) فهذه صيغة أمر لكنها تدل على وجوب الترك , و( ذروا ) أيضاً هي صيغة أمر وهي تدل على وجوب الترك ووجوب الترك معنى هذا أن هذا الأمر محرم . ...
ثم نأتي إلى صيغ المكروه ؛ فقال - حفظه الله - عند هذا المبحث :
صيغ المكروه وأساليبه الدالة عليه :
هناك عدة صيغ وأساليب تدل على المكروه في الشرع بحيث أنه من خلال هذه الصيغ نعرف المكروه .
منها مثل لفظة ( كـره ) وما يشتق منها مثل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال ) ..
والصيغة الثانية لمعرفة المكروه لفظة ( بغض ) وما يشتق منها . ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ( أبغض الحلال إلى الله الطلاق ) فلفظ أبغض تدل على البغض . والبغض هنا تدل على أن ترك الشيء خير من فعله.
الصيغة الثالثة لمعرفة المكروه صيغة النهي التي هي قولنا لا تفعل أو ما جرى مجراها إذا وجدت معها قرينة تصرفها من التحريم إلى الكراهة . لأن صيغة لا تفعل إذا وردت مجردة لا تفيد الكراهة ، كما سيأتي إن شاء الله عندما نبحث في المحرم .. والأصل في قولنا لا تفعل الأصل فيها التحريم ولكن إذا وجد معها قرينة تصرفها فإنها تنصرف وتكون دالة على الكراهة . مثل قوله تعالى: ( يا أيها الذين أمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) فقوله ( لاتسألوا (هنا قال العلماء : إنه للكراهة وليس للتحريم ولو أخذناه على ظاهره هكذا لكان دالا على التحريم وليس على الإباحة ولكنه صرف عن النهي إلى الكراهة بسبب القرينة الصارفة، وهذه القرينة الصارفة وردت في آخر الآية لقوله تعالى ) : وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور رحيم ) .. فكأنه صار هنا في المقال نوع من التخيير لا تسألوا وإن تسألوا سيظهر لكم حكمها . فلو كان هنا النهي نهيا جازما بتحريم لما ورد بعد ذلك احتمال تعريف السؤال عنها فنقول النهي للكراهة وليس للتحريم.
أيضا من الصيغ و الأساليب الدالة على الكراهة التصريح من الصحابة أو النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن صيغة النهي غير جازمة . يعني : ورد نهي ولكنه نهي غير جازم كما ورد في قول أم سلمة رضي الله عنها: ( نهينا عن اتـِّباع الجنائز ولم يعزم علينا ) ..
إطــلاقــات الـمـكــــروه :
عندما تأتي في أحكام الشرع واستعمالات الشرع في القرآن والسنة أو في استعمالات السلف لفظ المكروه نجد أنها تختلف هذه الاستعمالات عن الذي نبحثه هنا في أصول الفقه وقد تكون على معان أخرى قد تكون أوسع أو ربما تكون أضيق ، فمثلا من إطلاقات لفظ المكروه:
أنه يطلق لفظ المكروه ويراد به الحرام أو كما يعبر عنه بالمحظور .
رُوِي هذا الإطلاق عن الإمام مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله .
وهذا غالب في عبارات السلف ، ولماذا كان غالب في عبارات السلف ؟
لأنهم كانوا يتورَّعون ويتحـرَّزون أن يقعوا في طائلة النهي في قوله تعالى (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم هذا حلال وهذا حرام) وأيضا قوله تعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم) وخشية منهم أن يقولوا على الله بشي بناء على عدم العلم أو بناء على التردد أو بناء على وجود احتمال عندهم على الحكم فإنهم يقولون بأن هذا مكروه ويقصدون بذلك الحرام ... وابن القيم رحمه الله في كتابه أعلام الموقعين بيَّنَ هذا وقال :
أن هذا كان من أسباب خطأ كثير من المتأخرين من أتباع الأئمة حيث تورع الأئمة عن إطلاق لفظ التحريم وأطلقوا لفظ الكراهة . فأتى المتأخرون من أتباع المذهب ونفوا التحريم وقالوا الإمام لا يقول بتحريم . فنفوا التحريم الذي أطلقوا عليه الأئمة الكراهة ، بينما كان مراد الأئمة حقيقة في التحريم وليس الكراهة ، فمثلا الإمام أحمد نـُقـِـلَ عنه أنه يقول : أكره المتعة والصلاة في المقابر وهما في الحقيقة يحرمان ، وعبر بلفظ أكره يعني من باب التورع في الفتوى . ونقل عن الإمام الشافعي أنه قال : أكره اشتراط الأعجف والأعجف هو الضعيف . قال أكره اشتراط الأعجف والمشوي والمطبوخ لأن الأعجف يعيب واشتراط العيب مفسد فأطلق هذه العبارة ويقصد بها التحريم وليس الكراهة ...
ثم ذكر - حفظه الله - إطلاقات أخرى للمكروه .. ولكن أكتفي بهذا القدر من النقل .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
..********************************************
المحرم يطلق عليه العلماء عدة تسميات وعدة إطلاقات :
فالمحرم يسمى المحظور ويسمى الممنوع ويسمى المزجور عنه ويسمى المعصية ويسمى الذنب والقبيح والسيئة والفاحشة والإثم والعقوبة ونحو ذلك من الألفاظ التي يذكرها العلماء في مظانها ويقصدون بها المحرم ...
إلى أن قال :
صـيـغ الحـرام وأسـالـيـبـه :
يعني إذا أردنا أن نعرف محرما ً من المحرمات فكيف نصل إلى معرفة هذا المحرم ؟
الحقيقة أن المحرم له صيغ وأساليب مختلفة يمكن من خلالها معرفة هذا المحرم منها :
الصيغة الأولى : صيغة النهي إذا جاءت مطلقة عما يصرفها عن حقيقتها إلى معان أخرى فالأصل في النهي أنه للتحريم كما في قوله تعالى ( ولا تقف ما ليس لك به علم ) وقوله تعالى ( ولا تأكلوا الربا ) أو قوله ( يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا ً مضاعفة ).
وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - " لا يبع بعضكم على بيع بعض " فلو جاءت معها قرينة ٌ تصرفها فإنها تنصرف إلى الكراهة كما أشرنا في مسائل المكروه .
الصيغة الثانية : استعمال لفظة التحريم ومشتقاتها كما في قوله تعالى { حرمت عليكم الميتة } وقوله تعالى { وهو محرم عليكم إخراجهم } وقوله - صلى الله عليه وسلم - " إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات " .
الصيغة الثالثة : التصريح بعدم الجواز ونفي الحل . لو صرح الشرع بأن هذا الأمر غير جائز أو أنه ليس حلالا فإنه يكون محرما مثل قوله تعالى ( ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا ) وقوله : " لا يحل دم امرئ مسلم ٍ إلا بإحدى ثلاث " .
الصيغة الرابعة : ترتيب العقوبة على الفعل من الله تعالى أو من النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن يذكر فعل ٌ ما ؛ ثم يذكر له عقوبة كقوله تعالى ( والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ) فالجلد هنا عقوبة على القذف فيكون القذف محرما ً وقوله تعالى ( فالسارق والسارقة ُ فاقطعوا أيديهما ) فالسرقة ُ هنا محرمة لأنه رتب عليها عقوبة وهي القطع وقوله - صلى الله عليه وسلم - " ومن ظلم من الأرض قيد شبر طوقه من سبع أرضين " فهذا أيضاً دليل على أن الظلم هو محرم بدلالة أنه رتب عليه عقوبة ٌ وجزاء ٌ يوم القيامة .
الصيغة الخامسة : صيغة الأمر التي تدل على طلب الترك والمنع من الفعل مثل لفظ الاجتناب أو لفظ اتركوا أو الكف أو نحو ذلك فيعتبرها بعض العلماء من النواهي والصيغ التي تدل على التحريم كقوله تعالى : ( واجتنبوا قول الزور ) وقوله تعالى : ( وذروا ما بقي من الربا ( فقوله ( اجتنبوا ) فهذه صيغة أمر لكنها تدل على وجوب الترك , و( ذروا ) أيضاً هي صيغة أمر وهي تدل على وجوب الترك ووجوب الترك معنى هذا أن هذا الأمر محرم . ...
ثم نأتي إلى صيغ المكروه ؛ فقال - حفظه الله - عند هذا المبحث :
صيغ المكروه وأساليبه الدالة عليه :
هناك عدة صيغ وأساليب تدل على المكروه في الشرع بحيث أنه من خلال هذه الصيغ نعرف المكروه .
منها مثل لفظة ( كـره ) وما يشتق منها مثل قول النبي - صلى الله عليه وسلم - : ( إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال ) ..
والصيغة الثانية لمعرفة المكروه لفظة ( بغض ) وما يشتق منها . ومنه قول النبي - صلى الله عليه وسلم - ( أبغض الحلال إلى الله الطلاق ) فلفظ أبغض تدل على البغض . والبغض هنا تدل على أن ترك الشيء خير من فعله.
الصيغة الثالثة لمعرفة المكروه صيغة النهي التي هي قولنا لا تفعل أو ما جرى مجراها إذا وجدت معها قرينة تصرفها من التحريم إلى الكراهة . لأن صيغة لا تفعل إذا وردت مجردة لا تفيد الكراهة ، كما سيأتي إن شاء الله عندما نبحث في المحرم .. والأصل في قولنا لا تفعل الأصل فيها التحريم ولكن إذا وجد معها قرينة تصرفها فإنها تنصرف وتكون دالة على الكراهة . مثل قوله تعالى: ( يا أيها الذين أمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) فقوله ( لاتسألوا (هنا قال العلماء : إنه للكراهة وليس للتحريم ولو أخذناه على ظاهره هكذا لكان دالا على التحريم وليس على الإباحة ولكنه صرف عن النهي إلى الكراهة بسبب القرينة الصارفة، وهذه القرينة الصارفة وردت في آخر الآية لقوله تعالى ) : وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور رحيم ) .. فكأنه صار هنا في المقال نوع من التخيير لا تسألوا وإن تسألوا سيظهر لكم حكمها . فلو كان هنا النهي نهيا جازما بتحريم لما ورد بعد ذلك احتمال تعريف السؤال عنها فنقول النهي للكراهة وليس للتحريم.
أيضا من الصيغ و الأساليب الدالة على الكراهة التصريح من الصحابة أو النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن صيغة النهي غير جازمة . يعني : ورد نهي ولكنه نهي غير جازم كما ورد في قول أم سلمة رضي الله عنها: ( نهينا عن اتـِّباع الجنائز ولم يعزم علينا ) ..
إطــلاقــات الـمـكــــروه :
عندما تأتي في أحكام الشرع واستعمالات الشرع في القرآن والسنة أو في استعمالات السلف لفظ المكروه نجد أنها تختلف هذه الاستعمالات عن الذي نبحثه هنا في أصول الفقه وقد تكون على معان أخرى قد تكون أوسع أو ربما تكون أضيق ، فمثلا من إطلاقات لفظ المكروه:
أنه يطلق لفظ المكروه ويراد به الحرام أو كما يعبر عنه بالمحظور .
رُوِي هذا الإطلاق عن الإمام مالك والشافعي وأحمد رحمهم الله .
وهذا غالب في عبارات السلف ، ولماذا كان غالب في عبارات السلف ؟
لأنهم كانوا يتورَّعون ويتحـرَّزون أن يقعوا في طائلة النهي في قوله تعالى (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم هذا حلال وهذا حرام) وأيضا قوله تعالى (ولا تقف ما ليس لك به علم) وخشية منهم أن يقولوا على الله بشي بناء على عدم العلم أو بناء على التردد أو بناء على وجود احتمال عندهم على الحكم فإنهم يقولون بأن هذا مكروه ويقصدون بذلك الحرام ... وابن القيم رحمه الله في كتابه أعلام الموقعين بيَّنَ هذا وقال :
أن هذا كان من أسباب خطأ كثير من المتأخرين من أتباع الأئمة حيث تورع الأئمة عن إطلاق لفظ التحريم وأطلقوا لفظ الكراهة . فأتى المتأخرون من أتباع المذهب ونفوا التحريم وقالوا الإمام لا يقول بتحريم . فنفوا التحريم الذي أطلقوا عليه الأئمة الكراهة ، بينما كان مراد الأئمة حقيقة في التحريم وليس الكراهة ، فمثلا الإمام أحمد نـُقـِـلَ عنه أنه يقول : أكره المتعة والصلاة في المقابر وهما في الحقيقة يحرمان ، وعبر بلفظ أكره يعني من باب التورع في الفتوى . ونقل عن الإمام الشافعي أنه قال : أكره اشتراط الأعجف والأعجف هو الضعيف . قال أكره اشتراط الأعجف والمشوي والمطبوخ لأن الأعجف يعيب واشتراط العيب مفسد فأطلق هذه العبارة ويقصد بها التحريم وليس الكراهة ...
ثم ذكر - حفظه الله - إطلاقات أخرى للمكروه .. ولكن أكتفي بهذا القدر من النقل .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
..********************************************
فأصل إشكال السائل هو قوله: (العلماء يقولون: الحرام ما عليه وعيد شديد)، وهذا الحصر، ثم تقييد الوعيد بالشدة، لا نعلم به قائلا من أهل العلم! وتصحيح هذه العبارة يكون بالتنبيه على أن الوعيد مما يستفاد منه الحكم بالحرمة، ولكن لا يشترط في الوعيد الشدة، ولا ينحصر التحريم فيه، بل يستفاد من ألفاظ وصيغ كثيرة اختصرها ابن القيم في (بدائع الفوائد) فقال: يستفاد التحريم من النهي، والتصريح بالتحريم، والحظر، والوعيد على الفعل، وذم الفاعل، وإيجاب الكفارة بالفعل، وقوله: "لا ينبغي" فإنها في لغة القرآن والرسول للمنع عقلا أو شرعا، ولفظة: "ما كان لهم كذا، ولم يكن لهم" وترتيب الحد على الفعل، ولفظة: "لا يحل، ولا يصلح" ووصف الفعل بأنه فساد، وأنه من تزيين الشيطان وعمله، وإن الله لا يحبه، وأنه لا يرضاه لعباده، ولا يزكي فاعله ولا يكلمه ولا ينظر إليه، ونحو ذلك. اهـ.
وقال الشيخ عبد الله الجديع في كتابه (تيسير علم أصول الفقه): يستفاد التحريم من صيغ كثيرة مستعملة للدلالة عليه في نصوص الشرع، ومنها:
1ـ لفظ (التحريم) الصريح، كقوله تعالى: {وأحل الله البيع وحرم الربا} [البقرة: 275]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (كل المسلم على المسلم حرام دمه، وماله، وعرضه) [رواه مسلم].
2ـ نفي الحل، كقوله تعالى: {فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره} [البقرة: 230]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال) [متفق عليه].
3ـ صيغة النهي، وهي أنوع تعود جملتها إلى:
[1] لفظ (النهي) الصريح، كقوله تعالى: {وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي} [النحل: 90] وقوله صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه وقد وهبه خادما: (لا تضربه، فإني نهيت عن ضرب أهل الصلاة، وإني رأيته يصلي منذ أقبلنا) [رواه البخاري في الأدب المفرد 163 بسند حسن]. ويلحق بهذا قول الصحابي: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كذا).
[2] صيغة (زجر)، كحديث أبي الزبير قال: سألت جابرا (يعني ابن عبد الله) عن ثمن الكلب والسنور؟ قال: زجر النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك. [أخرجه مسلم].
[3] صيغة الأمر بالانتهاء، كقوله تعالى للنصارى: {ولا تقولوا ثلاثة انتهوا خيرا لكم} [النساء: 171]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (يأتي الشيطان أحدكم فيقول: من خلق كذا، من خلق كذا؟ حتى يقول: من خلق ربك؟ فإذا بلغه، فليستعذ بالله ولينته) [متفق عليه].
[4] صيغة الفعل المضارع المقترن بـ (لا) الناهية، كقوله تعالى: {ولا تقربوا الزنا} [الإسراء: 32]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يبع بعضكم على بيع بعض) [متفق عليه].
[5] صيغة (لا ينبغي)، كقوله صلى الله عليه وسلم في الحرير: ((لا ينبغي هذا للمتقين)) [متفق عليه].
[6] صيغة الأمر بالترك بغير صيغة النهي الصريحة، كقوله تعالى: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه} [المائدة: 90]، وقوله تعالى: {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض} [البقرة: 222]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (اجتنبوا السبع الموبقات) قالوا: يا رسول الله، وما هن؟ قال: (الشرك بالله، والسحر، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات المؤمنات الغافلات)) [متفق عليه]...
4ـ ما رتب على فعله عقوبة أو وعيد دنيوي أو أخروي فهو دليل على تحريمه، فمن صوره:
[1] عقوبة الحدود، كقوله تعالى: {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} [المائدة: 38]، وقوله: {الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مئة جلدة} [النور: 2].
[2] التهديد بالعقاب، كقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين. فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله} [البقرة: 278ـ 279]... وقوله صلى الله عليه وسلم: (لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين) [رواه مسلم]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (لكل غادر لواء يعرف به يوم القيامة) [متفق عليه]، فهذه فضيحة يوم العرض.
[3] ترتيب اللعنة على الفعل، وهي نوع من العقوبة، وفيه نصوص كثيرة في الكتاب والسنة.
5 ـ وصف الفعل بأنه من الذنوب، ومنه وصفه بأنه كبيرة، كقوله صلى الله عليه وسلم: (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة مثل البغي، وقطيعة الرحم) [حديث صحيح رواه أبوداود وغيره]، وعن أنس رضي الله عنه قال: سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الكبائر؟ قال: (الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، وشهادة الزور) [متفق عليه].
6ـ وصف الفعل بالعدوان، أو الظلم، أو الإساءة، أو الفسق، أو نحو ذلك، كحديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الوضوء، فأراه الوضوء ثلاثا ثلاثا، ثم قال: (هكذا الوضوء، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم) [حديث حسن، أخرجه النسائي وغيره] ، وقوله تعالى: {وإن تفعلوا فإنه فسوق بكم} [البقرة: 282].
7ـ تشبيه الفاعل بالبهائم أو الشياطين أو الكفرة أو الخاسرين أو نحوهم، كقوله صلى الله عليه وسلم: (ليس لنا مثل السوء، الذي يعود في هبته كالكلب يرجع في قيئه) [متفق عليه]، وقوله تعالى: {إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين} [الإسراء: 27]، وقوله تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم} [المائدة: 51]، وقوله صلى الله عليه وسلم: (إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة) [متفق عليه].
8ـ تسمية الفعل باسم شيء آخر محرم معلوم الحرمة، كوصف الفعل بأنه زنا أو سرقة أو شرك، أو غير ذلك، ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله كتب على ابن آدم حظه من الزنا، أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق) الحديث [متفق عليه] وقوله صلى الله عليه وسلم: (أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته) قالوا: يا رسول الله، وكيف يسرق صلاته؟ قال: (لا يتم ركوعها ولا سجودها)) [حديث صحيح، رواه الدارمي وأحمد وغيرهما] ، وقوله صلى الله عليه وسلم: ((من حلف بغير الله فقد أشرك)) [حديث صحيح رواه أبوداود والترمذي وغيرهما]. اهـ.
وأما ما ذكره السائل من ورع الأئمة عن التصريح بلفظ التحريم: فمعروف ومحمود، ولكنه في المقابل لا يعني: الإباحة، واللائق في مثل هذا الموضع أن ينزل كلامهم على ما عرف من اصطلاحهم هم، لا اصطلاحنا نحن! فمن الأخطاء الشنيعة أن يستدل بورعهم في إطلاق لفظ التحريم، على تجويزهم لما ذموه وعابوه ونهوا عنه وحذروا منه، وقد ذكر ابن القيم في (إعلام الموقعين) أمثلة كثيرة للمحرمات التي أطلق عليها الأئمة ـ كأبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ـ لفظ الكراهة، ثم قال: فالسلف كانوا يستعملون الكراهة في معناها الذي استعملت فيه، في كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، أما المتأخرون فقد اصطلحوا على الكراهة تخصيصا بما ليس بمحرم وتركه أرجح من فعله، ثم حمل من حمل منهم كلام الأئمة على الاصطلاح الحادث فغلط في ذلك، وأقبح غلطا منه من حمل لفظ الكراهة أو لفظ "لا ينبغي" في كلام الله ورسوله على المعنى الاصطلاحي الحادث، وقد اطرد في كلام الله ورسوله استعمال "لا ينبغي" في المحظور شرعا وقدرا وفي المستحيل الممتنع، كقوله تعالى: {وما ينبغي للرحمن أن يتخذ ولدا} [مريم: 92]... اهـ.
*******************************
صيـــــغ الحرام وأساليبـه ؟
ج------ فيما يتعلق بالمسألة الأخيرة التي نختم فيها الكلام عن هذه المسألة وهي في صيغ المحرم وأساليبه يعني إذا أردنا أن نعرفمحرما ً من المحرمات فكيف نصل إلى معرفة هذا المحرم ؟
الحقيقة أن المحرم له صيغ وأساليب مختلفة يمكن من خلالها معرفة هذا المحرم منها :
õ الصيغة الأولى: صيغة النهي إذا جاءت مطلقة عما يصرفها عن حقيقتها إلى معان أخرى فالأصل في النهي أنه للتحريم كما في قوله تعالى+ولا تقف ما ليس لك به علم" وقوله تعالى"ولا تأكلوا الربا" أو قوله "يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا ً مضاعفة".
وقول الرسول عليه الصلاة والسلام " لا يبع بعضكم على بيع بعض " فلو جاءت معها قرينة ٌ تصرفها فإنها تنصرف إلى الكراهة كما أشرنا في مسائل المكروه .
õالصيغة الثانية : استعمال لفظة التحريم ومشتقاتها كما في قوله تعالى " حرمت عليكم الميتة " وقوله تعالى "وهو محرم عليكم إخراجهم " وقوله × " إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات" فهذه ألفاظ تدل على التحريم õالصيغة الثالثة : التصريح بعدم الجواز ونفي الحل لو صرح الشرعبأن هذا الأمر غير جائز أو أنه ليس حلالا فإنه يكون محرما مثل قوله تعالى +ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا" عليه الصلاة والسلام: " لا يحل دم امرئ مسلم ٍ إلا بإحدى ثلاث " .
õالصيغة الرابعة : ترتيب العقوبة على الفعل من الله تعالى أو من النبي × بأن يذكر فعل ٌ ما ثم يذكر له عقوبة كقوله تعالى +والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة" فالجلد هنا عقوبة على القذف فيكون القذف محرما ً وقوله تعالى +فالسارق والسارقة ُ فاقطعوا أيديهما" فالسرقة ُ هنا محرمه لأنه رتب عليها عقوبة وهي القطع وقوله عليه الصلاة والسلام "ومن ظلم من الأرض قيد شبر طوقه من سبع أرضين " فهذا أيضاً دليل على أنالظلم هو محرم بدلالة أنه رتب عليه عقوبة ٌ وجزاء ٌ يوم القيامة .
õالصيغة الخامسة : صيغة الأمر التي تدل على طلب الترك والمنع من الفعل مثل لفظ الاجتناب أو لفظ اتركوا أو الكف أو نحو ذلكفيعتبرها بعض العلماء من النواهي والصيغ التي تدل على التحريم كقوله تعالى: "واجتنبوا قول الزور" وقوله تعالى: "وذروا ما بقي من الربا" فقوله اجتنبوا فهذه صيغة أمر لكنها تدل على وجوب الترك وذروا أيضاً هي صيغة أمر وهي تدل على وجوب الترك ووجوب الترك معنى هذا أن هذا الأمر محرم .
************
الصيغ الدالة على المكروه
صيغ المكروه وأساليبه الدالة عليه ؟
هناك عدة صيغ وأساليب تدل على المكروه في الشرع بحيث أنه من خلال هذه الصيغ نعرف المكروه .
منها مثل لفظة (كره) وما يشتق منها مثل قول النبي عليه الصلاة والسلام (إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال ) .
فيحمل عليه الكراهة
... والصيغة الثانية لمعرفة المكروه لفظة (بغض) وما يشتق منها . ومنه قول النبي عليه الصلاة والسلام ( أبغض الحلال إلى الله الطلاق) فلفظ أبغض تدل على البغض . والبغض هنا تدل على أن ترك الشيء خير من فعله...
الصيغة الثالثة لمعرفة المكروه صيغة النهي التي هي قولنا لا تفعل أو ما جرى مجراها إذا وجدت معها قرينة تصرفها من التحريم إلى الكراهة . لأن صيغة لا تفعل إذا وردت مجردة لا تفيد الكراهة ، كما سيأتي إن شاء الله عندما نبحث في المحرم ، لكن إذا وردة هذه الصيغة مقترنة بقرينة تصرفها من التحريم إلى الكراهة فإنها تنصرف . والأصل في قولنا لا تفعل الأصل فيها التحريم ولكن إذا وجد معها قرينة تصرفها فإنها تنصرف وتكون دالة على الكراهة . مثل قولهتعالى: "يا أيها الذين أمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم "فقوله لاتسألوا هنا قال العلماء: إنه للكراهة وليس للتحريم ولو أخذناه على ظاهره هكذا لكان دالا على التحريم وليس على الإباحة ولكنه صرف عن النهي إلى الكراهة بسبب القرينة الصارفة، وهذه القرينة صارفه وردة في آخر الآية لقوله تعالى"وإن تسألوا عنها حين ينزلالقرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور رحيم" فقوله عليه الصلاة والسلام لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم" في ظاهره التحريم ولكن ورد بعد ذلك" وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم". فكأنه صار هنا في المقال نوع من التخيير لا تسألوا وإن تسألوا سيظهر لكم حكمها . فلو كان هنا النهي نهيا جازما بتحريم لما ورد بعد ذلك احتمال تعريف السؤال عنها فنقول النهي للكراهة وليس للتحريم .
أيضا من الصيغ و الأساليب الدالة على الكراهة التصريح من الصحابة أو النبي × بأن صيغة النهي غير جازمة ورد نهي ولكن نهي غير جازم كما ورد في قول أم سلمه رضي الله عنها: (نهينا عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا) فلو قالت نهينا عن اتباع الجنائز وسكتت لكان هذا اللفظ دال على التحريم . لكنها جاءت بصيغة النهي وبينت أنها غير جازمة فقالت ولم يعزم علينا . يعني لم يشدد علينا ولم يحزم لترك هذا الأمر فنقول أنه مكروه للنساء اتباع الجنائز.
****************
صيغ المكروه وأساليبه الدالة عليه
===================
هناك عدة صيغ وأساليب تدل على المكروه في الشرع بحيث أنه من خلال هذه الصيغ نعرف المكروه
منها مثل لفظة ( كـره ) وما يشتق منها مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال )
والصيغة الثانية لمعرفة المكروه لفظة ( بغض ) وما يشتق منها ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم ( أبغض الحلال إلى الله الطلاق ) فلفظ أبغض تدل على البغض والبغض هنا تدل على أن ترك الشيء خير من فعله
الصيغة الثالثة لمعرفة المكروه صيغة النهي التي هي قولنا لا تفعل أو ما جرى مجراها إذا وجدت معها قرينة تصرفها من التحريم إلى الكراهة لأن صيغة لا تفعل إذا وردت مجردة لا تفيد الكراهة والأصل في قول لا تفعل الأصل فيها التحريم ولكن إذا وجد معها قرينة تصرفها فإنها تنصرف وتكون دالة على الكراهة مثل قوله تعالى ( يا أيها الذين أمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) فقوله لاتسألوا هنا قال العلماء : إنه للكراهة وليس للتحريم ولو أخذناه على ظاهره هكذا لكان دالا على التحريم وليس على الإباحة ولكنه صرف عن النهي إلى الكراهة بسبب القرينة الصارفة وهذه القرينة الصارفة وردت في آخر الآية لقوله تعالى (وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور رحيم ) فكأنه صار هنا في المقال نوع من التخيير لا تسألوا وإن تسألوا سيظهر لكم حكمها فلو كان هنا النهي نهيا جازما بتحريم لما ورد بعد ذلك احتمال تعريف السؤال عنها فنقول النهي للكراهة وليس للتحريم
ومن الصيغ و الأساليب الدالة على الكراهة التصريح من الصحابة أو النبي صلى الله عليه وسلم بأن صيغة النهي غير جازمة يعني ورد
نهي ولكنه نهي غير جازم كما ورد في قول أم سلمة رضي الله عنها ( نهينا عن اتـِّباع الجنائز ولم يعزم علينا )
õ الصيغة الأولى: صيغة النهي إذا جاءت مطلقة عما يصرفها عن حقيقتها إلى معان أخرى فالأصل في النهي أنه للتحريم كما في قوله تعالى+ولا تقف ما ليس لك به علم" وقوله تعالى"ولا تأكلوا الربا" أو قوله "يا أيها الذين أمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا ً مضاعفة".
õالصيغة الثانية : استعمال لفظة التحريم ومشتقاتها كما في قوله تعالى " حرمت عليكم الميتة " وقوله تعالى "وهو محرم عليكم إخراجهم " وقوله × " إن الله حرم عليكم عقوق الأمهات" فهذه ألفاظ تدل على التحريم õالصيغة الثالثة : التصريح بعدم الجواز ونفي الحل لو صرح الشرعبأن هذا الأمر غير جائز أو أنه ليس حلالا فإنه يكون محرما مثل قوله تعالى +ولا يحل لكم أن تأخذوا مما أتيتموهن شيئا" عليه الصلاة والسلام: " لا يحل دم امرئ مسلم ٍ إلا بإحدى ثلاث " .
õالصيغة الرابعة : ترتيب العقوبة على الفعل من الله تعالى أو من النبي × بأن يذكر فعل ٌ ما ثم يذكر له عقوبة كقوله تعالى +والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة" فالجلد هنا عقوبة على القذف فيكون القذف محرما ً وقوله تعالى +فالسارق والسارقة ُ فاقطعوا أيديهما" فالسرقة ُ هنا محرمه لأنه رتب عليها عقوبة وهي القطع وقوله عليه الصلاة والسلام "ومن ظلم من الأرض قيد شبر طوقه من سبع أرضين " فهذا أيضاً دليل على أنالظلم هو محرم بدلالة أنه رتب عليه عقوبة ٌ وجزاء ٌ يوم القيامة .
صيغ المكروه وأساليبه الدالة عليه
===================
هناك عدة صيغ وأساليب تدل على المكروه في الشرع بحيث أنه من خلال هذه الصيغ نعرف المكروه
منها مثل لفظة ( كـره ) وما يشتق منها مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم ( إن الله كره لكم قيل وقال وكثرة السؤال )
والصيغة الثانية لمعرفة المكروه لفظة ( بغض ) وما يشتق منها ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم ( أبغض الحلال إلى الله الطلاق ) فلفظ أبغض تدل على البغض والبغض هنا تدل على أن ترك الشيء خير من فعله
الصيغة الثالثة لمعرفة المكروه صيغة النهي التي هي قولنا لا تفعل أو ما جرى مجراها إذا وجدت معها قرينة تصرفها من التحريم إلى الكراهة لأن صيغة لا تفعل إذا وردت مجردة لا تفيد الكراهة والأصل في قول لا تفعل الأصل فيها التحريم ولكن إذا وجد معها قرينة تصرفها فإنها تنصرف وتكون دالة على الكراهة مثل قوله تعالى ( يا أيها الذين أمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ) فقوله لاتسألوا هنا قال العلماء : إنه للكراهة وليس للتحريم ولو أخذناه على ظاهره هكذا لكان دالا على التحريم وليس على الإباحة ولكنه صرف عن النهي إلى الكراهة بسبب القرينة الصارفة وهذه القرينة الصارفة وردت في آخر الآية لقوله تعالى (وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور رحيم ) فكأنه صار هنا في المقال نوع من التخيير لا تسألوا وإن تسألوا سيظهر لكم حكمها فلو كان هنا النهي نهيا جازما بتحريم لما ورد بعد ذلك احتمال تعريف السؤال عنها فنقول النهي للكراهة وليس للتحريم
ومن الصيغ و الأساليب الدالة على الكراهة التصريح من الصحابة أو النبي صلى الله عليه وسلم بأن صيغة النهي غير جازمة يعني ورد
نهي ولكنه نهي غير جازم كما ورد في قول أم سلمة رضي الله عنها ( نهينا عن اتـِّباع الجنائز ولم يعزم علينا )
********************
صيغ اساليب المباح
صيغ المباح وأساليبه وكيفية معرفته :
فهناك صيغ وأساليب للمباح تساعد على كيفية معرفة أن هذا الحكم مباح يستعين بها الفقيه على معرفة الحكم، وننبه هنا إلى أن الشارع لم يستعمل لفظ المباح لا في القرآن ولا في السنة إنما استعمل ألفاظ أخرى تدل على معنى المباح فهناك صيغ وأساليب تدل على حكم الإباحة منها:
س---- تكلم عن الصيغة الأولى؟
ج----- أولا : استعمال لفظ الحلال
وما اشتق منه فإذا سمعنا كلمة حلال أو أُحل أو يحل أو أحللنا أو نحو ذلك فنفهم منها الإباحة أو أن هذا فعل مباح بمعني انه يجوز فعله ويجوز تركه على السواء في هذا المقام مثل قوله تعالى: أحل لكم ليلة الصيام الرفث على نسائكم" وقوله أيضاً (وأحل لكم ما وراء ذلكم " فلفظ أحل هنا مقصود به الحلال يعني المباح.
س---- تكلم عن الصيغة الثانية؟
ج----- الصيغة الثانية: لفظ لا جناح فإذا ورد في الشرع نعلم أنه هذا الحكم مباح من ذلك قوله تعالى (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) وقوله (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) فهذا كلها تدل على أن المراد بذلك الإباحة وان هذه الأحكام مباحة.
س---- تكلم عن الصيغة الثالثة؟
ج---- الصيغة الثالثة: لفظ لا حرج فإنه يدل على أن هذا الحكم مباح قوله تعالى (ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج" وقول الرسول عليه الصلاة والسلام في أفعال الحج ( افعل ولا حرج) إلا أن هذه الصيغة الثالثة لا تؤخذ على الإباحة على الإطلاق ولذلك يقول الإمام الشاطبي فإذا قال الشارع في أمر واقع لا حرج فيه فلا يؤخذ منه حكم الإباحة إذ قد يكون كذلك وقد يكون مكروها ، فإن المكروه بعد الوقوع لا حرج فيه فليتفقد هذا في الأدلة فالمقصود في هذا أنه ينبغي عند سماع لا حرج في ألفاظ الشرع فإننا يجب نتنبه إلى أن هذا الحكم مباح أو أنه مطلق على أمر واقع مكروه ووقع وأطلق الشرع على انه لا حرج فيه فينبغي أن نعود إلى حكمه الأصلي وهو أن حكمه مكروه .
س---- تكلم عن الصيغة الرابعة؟
ج----- الصيغة الرابعة: صيغة الأمر التي جاءت معها قرينة تدل على أن هذا الحكم للإباحة تصرِفُه عن الوجوب والندب إلى الإباحة،لأن صيغ المباحات ترد بألفاظ أوامر وهذا الأوامر يحتمل أن تكون للوجوب ويحتمل أن تكون للندب فإذا وردت معها صيغ تصرفها عن الوجوب و الندب إلى الإباحة فإنها تحمل على ذلك فمن ذلك قول الله تعالى (فالآن باشروهن وابتغوا ما كتب الله لكم وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر" فإن القرينة هنا دلت على أن الأمر للإباحة لقوله "فالآن باشروهن" وقوله "وكلوا واشربوا" في ليالي رمضان فهنا الأمر للإباحة ليس للوجوب ولا للندب والدليل على هذا أن هناك قرينة يذكرها العلماء يقولون أن الأمر إذا ورد بعد الحضر يكون للإباحة فنحن نعلم أنه في أول التشريع كان قضية مباشرة النساء والأكل والشرب فمن نام بعد صلاة المغرب فإنه لا يسوغ له الأكل والشرب في ليلة الصيام فشق ذلك على المسلمين فأباح الله لهم الأكل والشرب ومباشرة نساءهم في ليالي رمضان فورد أمر بعد تحريم فيكون للإباحة .
س---- تكلم عن الصيغة الخامسة؟
ج---- الصيغة الخامسة: وهي نفي الإثم والمؤاخذة، فإذا نفي الله تعالى الإثم عن أمر أو نفى المؤاخذة عليه كما في شأن المحرمات من المأكولات والمطعومات +فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه" فقوله "فلا إثم علي" دليل على إباحة الأكل في حال الضرورة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق